للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾؛ أي: ما مَهَدوا لأنفسِهم، فالمخصوصُ بالذم محذوفٌ.

* * *

(١٩٨) - ﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ﴾.

﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ﴾؛ أي: خافوه، ولم يخالفوا أمرَهُ ولا نهيَهُ.

﴿لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا﴾: قابلَ جهنم بالجناتِ، وقلةَ متاعِهم بالخلودِ في النعيمِ، فوقعت (لكنْ) أحسَن مواقعها؛ لأنَّه آلَ معنى الجملتين إلى تعذيبِ الكفارِ وإلى تنعيمِ المتقين، فهي واقعةٌ بين الضدين.

﴿نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ النُّزلُ بسكون الزاي وضمِّها: ما يقامُ للنازل عند نزولهِ من القِرى، وفيهِ تنبيهٌ على أن وراء ذلكَ ما هو أعظَمُ منهُ كرامةً، وانتصابُه إما على الحالِ من ﴿جَنَّاتٌ﴾ لتخصيصِها بالوصفِ، والعامل الظرفُ؛ أي: حاصلةً لهم الجناتُ نزلاً، أو على أنه في معنى مصدرٍ مؤكِّدٍ كقوله: ﴿ثُوَاباً﴾، كأنهُ قيلَ: رزقاً أو عطاءً من عندِ الله.

﴿وَمَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ لكثرتِه ودوامِه ﴿خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ﴾ مما يتقلَّبُ فيه الفجَّارُ؛ لقلته وسرعةِ زوالهِ.

أو خبر (١) في بيانِ حال (٢) الذين كفروا بحذفِ المبتدأ والمخصوص بالذمِ واقتصار الكلام للتحقيرِ والازدراءِ وعدم الاعتدادِ بهم وبمتاعِهم، وأطنَبَ في وصف المتقينَ إظهاراً للعنايةِ بهم وبشأنِهم ومآلهم، أولاً بقوله: ﴿لَكِنِ﴾ ليستدرك مآلَهم المخالفَ


(١) قوله: "أو خبر" كذا في النسخ، ولعل الصواب: "وأخبر".
(٢) في (ح) و (ف): " مآل "، و في (د): " ما ".