للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ يعني: حوَّاءَ، خلقها من ضِلَعٍ من أضلاع آدم .

بيانُ خَلْقهم من نفسٍ واحدة على وجه الاستئناف؛ كأنه قيل: إنهم خُلقوا من ذكرٍ وأنثى لا من ذكَرٍ وحده؟ فأُجيب بأن تلك الأنثى قد خُلقت منه، فالواو استئنافيةٌ لا عاطفة؛ لِمَا عرفتَ أن مدخولها مقرِّر ومبيِّنٌ لِمَا تقدم، والعاطف لا يَتخلَّل بين الشيء ومقرِّره.

وعلى تقدير العطف على محذوفٍ - أي: خلَقها وخلَق منها زوجها - يندفع المحذور (١) المذكورُ، إلا أنه لا دخل للمقدَّر في تقريرِ ما ذُكر، ومن شرائط البلاغة تجريدُ الكلام عمَّا لا يقتضيه المقام (٢).

﴿وَبَثَّ مِنْهُمَا﴾؛ أي؛ نشر (٣) من النَّفْسين المذكورَين من جهة التناسُل والتوالُد، أراد بيانَ كيفية توالُدهم ولذلك قال (٤):

﴿رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ دون: ذكوراً كثيراً وإناثاً، ومَن لم يتفطَّن لهذه الدقيقة الأنيقة قال في تفسيره: بناتٍ وبنينَ كثيرةً (٥).

وذكِّر ﴿كَثِيرًا﴾ حفلاً على معنى الجمع، وحُذف وصف النساء لدلالة وصفِ قرينِها (٦) عليه.


(١) " المحذور ": من (م).
(٢) في هامش (ح) و (ف) و (م): "رد لصاحب الكشاف ". زاد في (م): "والقاضي ".
(٣) في (ح): "نثر".
(٤) "أراد بيان كيفية توالدهم ولذلك قال" من (ك) و (م)، ووقعت في (ح) و (ف) قبل كلمة "الدقيقة" الآتية، وهو خطأ ظاهر.
(٥) في هامش (ح) و (ف): "رد للقاضي ". وفي هامش (م): "رد للبيضاوي ".
(٦) في (ح) و (ف): "قرينتها". وسقطت كلمة "وصف" من (ف)، وفي هامشها: "وأما ما قيل: إن=