عقبه بقوله: هذا بحسب الجليل مِن النَّظر، وأمَّا النَّظرُ الدَّقيقُ فيَحكم بصحَّة أنَّ المعمَّر - أي: الذي قُدِّرَ له عمرٌ طويلٌ - يجوز أنْ يبلغَ حَدَّ ذلك العمرِ وأنْ لا يبلغَ عمرَه، فيزيدُ عمرُه على الأوَّل وينقص على الثَّاني، ومع ذلك لا يلزمُ التَّغييرُ في التَّقدير، وذلك لأنَّ المقدَّرَ لكلِّ شخصٍ إنَّما هو الأنفاس المعدودة، لا الأيَّام المحدودة والأعوام الممدودة، ولا خفاء في أنَّ الأيَّام قَدْرٌ مِن الأنفاسِ يزيدُ وينقصُ بالصِّحة والحضور والمرض والتَّعب. ثم ختم كلامه هذا بقوله: فافهم هذا السِّرَّ العجيبَّ.
ويضاف إلى هذا ما كتب بهامش أكثر النسخ الخطية:(حتى ينكشف لكَ سِرُّ اختيار حبس النفس، ويتضح وجه صحة قوله ﵇: الصَّدقة والصِّلة تعمران الدِّيار وتزيدان في الأعمار. منه).
وقول المؤلف قد نقله الشهاب في "الحاشية على البيضاوي" مشنعًا عليه فيما ذهب إليه، لكنه لم يسمه، بل قال: ومن العجيب ما قيل هنا: إنَّ المعمر المقدَّر له عمر طويل، وهو يجوز فيه أن يبلغ فيه حدّ ذلك العمر وأن لا يبلغه … - إلى آخر كلام المؤلف - وعدَّه سرًّا دقيقًا، وهو مما لا يعوِّل عليه عاقل، ولم يقل به أحد غير بعض جهلة الهنود، مع أنه مخالف لما ورد في الحديث الصحيح من قول النبي ﷺ لأم حبيبة ﵂ وقد دعت بطول عمر:"سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة"، وقد أطال المحشي فيه وفي رده وهو غنيٌّ عنه. اهـ.
أما الآلوسي فقد نقل كلامه أيضا معيِّنا إياه باسمه، ونقل كذلك ما ذكر في