حواشي النسخ الخطية، مصدِّرًا كلَّ ذلك بالتعجُّب منه، ومتعقِّبا إياه بما أوردناه من ردِّ الشهاب، وهو - والله أعلم - الموافق للصواب.
ومما قد يؤخذ عليه أيضًا المبالغةُ في الاختصار بحيث يَغمض المعنى ولا يظهر عود الضمائر، فنضرب عليه مثالًا ما جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾ [الأنعام: ٩١]، قال: ﴿يَلْعَبُونَ﴾: حالٌ من ﴿ذَرْهُمْ﴾، ﴿فِي خَوْضِهِمْ﴾ صلةٌ له، أو لـ ﴿يَلْعَبُونَ﴾، أو حال منه، أو من ﴿خَوْضِهِمْ﴾ وهو صلة لـ ﴿ذَرْهُمْ﴾.
فقوله:(حالٌ من ﴿ذَرْهُمْ﴾ الأَولى أن يقوله: (حال من مفعول ﴿ذَرْهُمْ﴾) كما هي عبارة "البحر".
وقوله:(و ﴿فِي خَوْضِهِمْ﴾ صلةٌ له)؛ أي: صلة لـ ﴿ذَرْهُمْ﴾.
وقوله:(أو حال منه)؛ أي: ﴿فِي خَوْضِهِمْ﴾ حال من الضمير في ﴿يَلْعَبُونَ﴾.
وقوله: (أو من ﴿خَوْضِهِمْ﴾؛ أي: ﴿يَلْعَبُونَ﴾ حال من ضمير ﴿فِي خَوْضِهِمْ﴾.
كل هذا واضح في عبارات "الكشاف" و"البحر المحيط".
ومن الأمثلة على ذلك أيضًا ما جاء عند تفسير قوله تعالى: ﴿قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا﴾ [الأعراف: ١٨] قال: ﴿مَذْءُومًا﴾ مِن ذَأَمه: إذا ذمَّه، وقُرئ:(مَذُومًا) كمَسُولٍ في مسؤولٍ، أو مَكُولٍ في مكيلٍ مِن ذامه يَذيمه ذَيْمًا.
ومعنى الكلام: أن فيه على هذه القراءة وجهين كما قال الآلوسي، ولفظه: فيه احتمالان: الأول أن يكون مخففًا من المهموز بنقل حركة الهمزة إلى الساكن