للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ﴾؛ أي: انتَقَم منه وطرده من رحمته.

﴿وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾؛ لاجْتِرائه على الله.

لمَّا كان قتلُ النفس المحرَّمة أكبرَ الكبائر بعد الشرك بالله (١)، بالَغ فيه بأنْ جعله منافيًا للإيمان حيث قال:

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ﴾ أي: ينافي وصفَ الإيمان قتلُ المؤمن، ثم بتنكير (مؤمن)؛ أي: ليس لأيِّ مؤمن كان، ثم بحذف الخبر المقدَّم لشدة العناية بالتصريح بالكفَّارة، ثم بإيجاب الدية والكفَّارة على قاتل الكافر المعاهَد حرمةً لها - وإن كانت كافرةً - بمجرد العهد، ثم بالوعيد مع التوبة بقوله: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾؛ لأنَّه أعظم الإثم بعلمه به، وإلا لقال: (غفورًا رحيمًا) اعتدادًا بالتوبة وتفخيمًا لها، فحقَّر التوبة في جنب الإثم مع كونه خطأً؛ لِمَا عسى يقعُ من تفريطٍ فيما يجب عليه من الاحتياط والتحفظ، ثم بالتهديد العظيم والإيعاد، والإبراق الشديد والإرعاد، على قتل العمد العدوَان بالوجوه المذكورة؛ من دخول جهنم، والخلودِ فيها، واستحقاقِ الغضب، ثم العذابِ العظيم، كلُّ ذلك تغليظٌ للدلالة على غلظ الأمر وعظم الخطب (٢).

* * *

(٩٤) - ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾.


(١) "بالله" من (م).
(٢) في (م): "الخطيئة".