للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مخصِّصٍ، فإن سبب النزول لا يَصلُح له، وهو أن مِقْيَسَ بن ضُبابةَ وجد أخاه هشامًا قتيلًا في بني النَّجار، ولم يَظهر قاتلُه، فأخذ منهم الدِّيَةَ بأمره ، ثم حَمل على مسلمٍ فقتله فرجع إلى مكة مرتدًّا (١) = إذ لا تصريحَ فيه بقتله مستحِلًّا، وقد تقرَّر في الأصول أن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوصِ السبب.

ومراد ابن عباس من قوله: لا تقبل توبة قاتل المؤمن عمدًا (٢)، التشديدُ (٣)؛ إذ رُوي عنه خلافُه (٤).


= ثم روى الخبر المذكور عن عكرمة كما سيأتي، وقد روي هذا الخبر أيضًا عن سعيد بن جبير وابن جريج وابن عباس كما سيأتي، ولذلك - والله أعلم - لم يقتصر البيضاوي الذي ينقل عنه المؤلف في عزو القول بالاستحلال على عكرمة بل قال: (ذكره عكرمة وغيره)، وعزاه ابن عطية في "المحرر الوجيز" (٢/ ٦٥) لابن عباس، والآلوسي في "روح المعاني" (٦/ ٢٢٢) لعكرمة وابن جريج وجماعة. بقي أن نذكر أن النحاس نفسه قد غلَّط القول المذكور معلِّلا ذلك بقوله: (لأنَّ "مَن" عامٌّ لا يُخَصُّ إلَّا بتوقيفٍ أو دليلٍ قاطعٍ)، في حين اعتبره ابن عطية هو الأصح في تفسير الآية.
(١) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ١٠٣٧ - ١٠٣٨) عن سعيد بن جبير، والطبري في "تفسيره" (٧/ ٣٤١)، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" (٢/ ٧٦٠) عن ابن جريج. ورواه ابن بشكوال أيضًا من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس . ورواه الطبري أيضًا من طريق ابن جريج عن عكرمة.
(٢) رواه البخاري (٤٧٦٤)، ومسلم (٣٠٢٣/ ٢٠).
(٣) "عمدًا التشديد" سقطت من (ح) و (ف)، و"التشديد" سقطت من (ك).
(٤) في (ح) و (ف): "خلاف". وروى عبد بن حميد كما في "الدر المنثور" واللفظ له، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٧٧٥٣)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص: ٣٤٩)، عن سعد بن عبيدة: أن ابن عباس كان يقول: لمن قتل مؤمنًا توبة، فجاءه رجل فسأله: ألمن قتل مؤمنًا توبة؟ قال: لا، إلا النار. فلما قام الرجل قال له جلساؤه: ما كنت هكذا تفتينا، كنت تفتيتا أن لمن قتل مؤمنًا توبة مقبولة، فما شأن هذا اليوم؟! قال: إني أظنه رجلًا مغضبًا يريد أن يقتل مؤمنًا، فبعثوا في أثره فوجدوه كذلك.