للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا﴾ بالأحوال، ويندرجُ فيها حالُ القاتل دخولًا أوليًا.

﴿حَكِيمًا﴾ في الأفعال، ومنها ما أَمر في شأنه.

* * *

(٩٣) - ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾.

﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ عَدَل هنا عن الماضي إلى صيغة المستقبل استبعادًا لوقوع هذا النوع من القتل.

﴿فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ اقتَصر هنا (١) على بيانِ حكمه الأُخرويِّ لأنَّه بيَّن حكمَه الدنيويَّ في سورة البقرة.

﴿خَالِدًا فِيهَا﴾ المراد بالتخليد: المكثُ الطويل، دون التأبيد، ولهذا لم يقل: أبدًا؛ لأن الدلائل متظاهرةٌ على أن عُصاة المسلمين لا يدومُ عذابهم.

وقيل: إنه مخصوصٌ بمن لم يَتُب؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ﴾ [طه: ٨٢] ونحوِه.

أمَّا تخصيصُه بالمستحلِّ له كما ذكره عكرمةُ وغيرُه (٢)، ففيه: أنه تخصيصٌ بلا


(١) في (م) و (ك): "هاهنا".
(٢) انظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: ٣٤٩)، وفيه: (وهذا القولُ يقالُ: إنَّه قولُ عكرمةَ؛ لأنَّه ذَكَرَ أنَّ الآيةَ نزلت في رجلٍ قَتلَ مؤمِنًا مُتعمِّدًا ثم ارتدَّ). قلت: والذي يظهر من كلامه أنه لم يجد نصًّا صريحًا عن عكرمة بهذا القول، فرأى أن من قال به قد استنبطه استنباطًا من رواية عكرمة للخبر المذكور، ولعله يشير بهذا إلى الطبري، حيث قال في "تفسيره" (٧/ ٣٤١): (وقال آخرون: عُنِي بذلك رجل بعينه، كان أسلم فارتدّ عن إسلامه، وقتل رجلا مؤمنًا، قالوا: فمعنى الآية: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ مستحلًّا قتلَه ﴿فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا﴾، ذكرُ من قال ذلك … )،=