للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قيل: هذا في مشركي العرب الذين كان بينهم وبين النبيِّ عهدٌ على أن يُسلِموا أو يؤذَنوا بحربٍ إلى أجلٍ معلوم، ومَن قُتل منهم وجَبتِ الدية والكفَّارة، ثم نُسخ بقوله: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.

وأما ما قيل: ولعله فيما إذا كان المقتول معاهَدًا وكان له وارثٌ مثلُه (١)، فلا صحة له:

أمَّا أولًا: فلأن قوله: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ﴾ صريحٌ في كون المقتول معاهَدًا، فلعله لم يُصِبْ محزَّه.

وأما ثانيًا: فلأن دية الذِّمِّي تؤخَذ لبيت المال إذا لم يكن له وارثٌ، وديةَ الحربي إنما تُعطى بحكم العهد، فقوله: أو كان (٢) له وارثٌ، مما لا وجه له.

﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ﴾؛ أي: الرقبةَ المؤمنة، بأنْ لم يملكها ولا ما يَتوصَّل به إليها، أو لم توجد في دياره.

﴿فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ﴾: فعليه - أو: فواجبٌ - صيامُ شهرين.

﴿مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً﴾ مصدر مؤكِّد؛ أي: تاب الله عليه توبةً، أو مفعولٌ له؛ أي: شَرَع ذلك توبةً منه.

﴿مِنَ اللَّهِ﴾ صفتُها.


(١) قوله: "وكان له وارث مثله"، كذا وقعت العبارة في النسخ، والذي في "تفسير البيضاوي" (٢/ ٩٠) وهو صاحب القيل المذكور: ( … أو كان له وارث مسلم)، وعلى هذا شرح الشهاب في "الحاشية" (٣/ ١٦٧) فقال: (يعني: لا يلزم دية بقتل شخص من قوم معاهدين؛ إذ يجوز أن يكون غير معاهد ولا مؤمن، إلا إذا كان معاهدًا فيلزم الدية للعهد، أو مسلمًا وله وارث مسلم، فالظاهر أن يقول: أو كان مسلمًا وله وارث مسلم، إذ المسلم لا يرث من الكافر، ففي عبارته تقصير).
(٢) في النسخ عدا (م): "فقوله وكان"، والمثبت من (م) وهو الصواب. انظر التعليق السابق.