للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهو متعلِّقٌ بـ (عليه) (١)، أو بـ ﴿مُسَلَّمَةٌ﴾؛ أي: تجب الدِّية عليه - أو: يسلِّمها إلى أهله - إلا حالَ تصدُّقهم إياها عليه، فهو في محلِّ النصب على الحال من القاتل، وأمَّا انتصابُه على الظرف فقيل: إنه مخالفٌ لنصِّ النحويين على منعِ قيام (أنْ) وما بعدها مقامَ الظرف، فإنه مما اختَصَّ به (ما) المصدريةُ.

﴿فَإِنْ كَانَ﴾؛ أي: إنْ كان المقتول (٢) ﴿مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ﴾: كفارٍ محاربين ﴿وَهُوَ﴾؛ أي: المقتول ﴿مُؤْمِنٌ﴾ يعني: إذا أسلم الحربيُّ في دار الحرب ولم يهاجر إلينا، فقتَلَه مسلم ولم يعلم بإيمانه.

ولإفادة هذا القيد صدِّر الكلام بالفاء المرتِّبة له على ما تقدم، وفيه الكفارةُ لا غير، وهو قوله:

﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ قيل: دون الدِّيَة لأهله؛ إذ لا وراثة بينه وبينهم لأنهم محاربون.

وكأن هذا القائل غافلٌ عن العموم المذكور فيما سبق في مصرِف الدية.

والشافعيُّ حمله على مؤمنٍ اختلطَ بأهل الحرب، ويأباه قوله: ﴿مِنْ قَوْمٍ﴾؛ لأنَّه حينئذٍ لا يكون منهم.

﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ يَنتظِم عهدَ الأمان وعقدَ الذمة.

﴿فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾؛ أي: حكمُه حكمُ المسلم في وجوب الكفارة والدية، وتقديم الدية هاهنا اهتمامًا في رعاية حكم الميثاق.


(١) وهو المقدر بعد الفاء في قوله: ﴿فَتَحْرِيرُ﴾.
(٢) في هامش (ح) و (ف): "من زاد على هذا قوله: المؤمن فكأنه غافل عن قوله تعالى: ﴿وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾. منه". قلت: رد على قول البيضاوي في "تفسيره" (٢/ ٩٠): أي: (فإن كان المؤمن المقتول).