للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والآيةُ نزلت في عيَّاشِ بن أبي ربيعةَ أخِ أبي جهلٍ من الأمِّ، لقي الحارث بن زيد في طريق وكان قد أسلم، ولم يَشعرْ به عياشٌ فقتله (١).

﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾؛ أي: فعليه - أو: فواجبُه - تحريرُ رقبة.

والتحريرُ: جعل الإنسان حرًّا، كما أن الإعتاق: جعلُه عتيقًا، والحرُّ: العتيق والكريم؛ لأن الكرم في الأحرار كما أن اللؤم في العبيد، وحُرُّ الوجه: أكرمُ موضعٍ منه.

والرقبةُ يعبَّر بها عن النَّسَمة كما يعبَّر عنها بالرأس.

﴿مُؤْمِنَةٍ﴾: كبيرةً كانت أو صغيرةً، ذكرًا كان أو أنثى.

﴿وَدِيَةٌ﴾: عطفٌ على (تحرير).

﴿مُسَلَّمَةٌ﴾: مؤداة.

﴿إِلَى أَهْلِهِ﴾ تُصْرف إلى ما تُصْرف إليه تركتُه، فالأهل يَنتظِم الوصيَّ وأمينَ بيت المال (٢).

ولم يعيِّن الله تعالى في كتابه ما يُعطَى في الدِّية، ولم يبيِّن فيه أن إيجابها على العاقلة أو القاتل، وإنما أُخذ ذلك من السُّنة.

﴿إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾: يتصدَّقوا عليه بالدِّية، وأصلُها على القاتل وتحملُها العاقلة تخفيفًا عليه، وسمِّي العفو عنها بالتصدُّق حثًّا عليه، وتنبيهاً على فضله، وعن النبيِّ : "كلُّ معروفٍ صدقةٌ" (٣).


(١) رويت فيه مراسيل عن مجاهد وعكرمة والسدي. انظر: "تفسير الطبري" (٧/ ٣٠٦ - ٣٠٨).
(٢) في هامش (ح) و (ف): "من قال: إلى ورثته .. إلخ، لم يصب. منه".
(٣) رواه البخاري (٦٠٢١) من حديث جابر ، ومسلم (١٠٠٥) من حديث حذيفة .