﴿وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ﴾ يعني: القرآن، فإنه أُنزل منجَّمًا، ولهذا قال: ﴿نَزَّلَ﴾ بخلاف سائر الكتب.
﴿وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ﴾ أُريد به الجنس، وفي ذكر (١) المنزل عليه في الأول بوصف الرسالة والإضافةِ إلى نفسه تعالى ما لا يخفى من التشريف والتعظيم له ﵇.
﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر﴾؛ أي: ومَن يكفر بشيء من ذلك، وفي التعبير عنه بالوجه المنزل تنبيهٌ على أن الإيمان بتلك الجملة في حكم الإيمان بشيء واحد، فالكفر ببعضه في حكم الكفر بكله
﴿فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ عن المقصد بحيث لا يكاد يعود إلى طريقه.
﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا﴾ يعني: المنافقين؛ إذ هم المتلاعبون بالدِّين بالكفر مرة بعد أخرى، والإصرارِ على النفاق، وإفسادِ الأمر على المؤمنين، ولذلك جاء بعده: ﴿بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ﴾ إظهارًا لحالهم، وإخبارًا عن مآلهم.
﴿لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ﴾ أي: ليس في عادته تعالى إرادةَ المغفرة لهم.
﴿وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا﴾؛ لأن قلوبهم ضَرِيَت بالكفر، وبصائرَهم عَمِيت عن الحق، وخبر (كان) في أمثال هذا محذوفٌ تُعلَّق به اللام؛ أي: لم يكن الله مريدًا ليغفر لهم.
(١) في النسخ عدا (م): "وذكر"، والمثبت من (م)، وهو الأنسب بالسياق.