للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأجاز أبو البقاء في ﴿رَسُولَ اللَّهِ﴾ هذه الأوجُهَ الثلاثة (١)، إلا أن البدل في المشتقات قليل، وقد يقال: إن ﴿رَسُولَ اللَّهِ﴾ جرى مجرى الجوامد.

﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ﴾ تخصيصٌ بعد التعميم لكونه محلَّ الاهتمام، أو نفيٌ لما ظنهم (٢) من أنهم قتلوه ثم صلبوه.

﴿وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾ مسنَدٌ إلى الجار والمجرور، كأنه قيل: وقَع لهم التشبيهُ (٣)، أو إلى ضمير المقتول المدلول عليه بقوله: ﴿إِنَّا قَتَلْنَا﴾ كأنه قيل: شُبِّه لهم مَن قتَلوه.

رُوي أنه دخل رجل من اليهود بيتًا كان هو فيه فلم يجده، وألقى الله عليه شبَهه، فلمَّا خرج ظُنَّ أنه عيسى فأُخذ وصُلب، وأمثالُ ذلك من الخوارق لا يُستبعد في زمان النبوة.

وقيل: إن رهطًا من اليهود سبُّوه وأمه فدعا عليهم فمسخهم الله تعالى قردةً وخنازيرَ، فاجتمعت اليهود على قتله، فأَخبر الله تعالى بأنه يرفعه إلى السماء، فقال لأصحابه: أيُكم يرضى أن يُلقى عليه شبهي فيقتلَ ويصلبَ ويدخل الجنة؟ فقام رجل منهم فألقى الله عليه شبهه فقُتل وصُلب.

وإنما ذمَّهم الله بما دل عليه الكلام من جرأتهم على الله، وقصدِهم قتلَ نبيِّه المؤيَّد بالمعجزات الباهرة، وتبجُّحهم به، لا بقولهم هذا على حسبانهم.

﴿وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ في شأن عيسى ، وذلك أنه لمَّا وقعت تلك


(١) انظر: "الإملاء" (ص: ٤٠٥).
(٢) قوله: "لما ظنهم" كذا في النسخ، ولعله يريد: (لما ظنوا)، أو: (لظنهم).
(٣) أي: (ولكن وقع لهم التشبيه بين عيسى والمقتول). انظر: "تفسير البيضاوي" (٢/ ١٠٨).