للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الواقعة اختلف الناس، فقال بعض اليهود: إنه كان كاذبًا فقتلناه حقًّا، وتردَّد آخرون فقال بعضهم: إن كان هذا عيسى فأين صاحبنا، وقال بعضهم: الوجه وجه عيسى والبدن بدن صاحبنا! وقال مَن سمع منه أن الله تعالى يرفعني إلى السماء: إنه رفع إليها، وقال قوم: صُلب الناسُوتُ وصعد اللاهوت.

﴿لَفِي شَكٍّ مِنْهُ﴾ من أمره، والمراد من الشك: التردُّد، ولمَّا احتَمَل أن يكون الوقوع في الشك لأكثرهم (١) دفعه بقوله:

﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ﴾: شيءٍ من جنس العلم.

﴿إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾ استثناء منقطع، والمعنى: أنهم مستمرُّون على الشك، لكنْ قد يَلوح لهم أمارةٌ فيحصل ظنٌّ، ثم يزول ويعود الشك، وهذا أدلُّ على شدة الحيرة من استمرار الشك بلا انقطاعٍ.

هذا ما بحسب جليل النظر، والذي هو بحسَب دقيقه: أن المراد من الشك ما يلزمه من الحيرة التي لا محيص لهم عنها، وعبارةُ (في) الدالةُ (٢) على الثبوت والتقريرِ (٣) إنما تساعد هذا.

﴿وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا﴾ صفةُ مصدرٍ محذوفٍ؛ أي: وما قتلوه قتلًا يقينًا، أو حالٌ؛ أي: وما قتلوه متيقِّنين فيما ادَّعوا من قولهم: إنا قتلنا المسيح، أو تأكيدٌ لـ (ما قتلوه) كأنه قيل: وما قتلوه حقًا؛ أي: حقَّ انتفاءُ قتله حقًّا، وهو تأكيد لغيره.

* * *


(١) في (ف): "لأكثر"، وفي " ك ": (الأكثر).
(٢) في (ف): "الدلالة "، وهو تحريف.
(٣) في (ح): "والتقرر".