﴿وَرُوحٌ مِنْهُ﴾؛ أي: صدر منه بلا توسُّط ما يجري مجرى الأصل والمادة، وسُمي روحًا لأنَّه كان يُحيي الأموات أو القلوب.
﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾، أي آمِنوا باللّه بأنه إلهٌ واحد لا شريك له ولا صاحبة ولا ولد، وبعيسى ﵊ بأنه عبده ورسوله، ولمَّا كان تكذيبه تكذيبًا للرسل كلهم قال: ﴿وَرُسُلِهِ﴾ ولم يقل: ورسوله؛ تعظيمًا لشأنه، وبهذا البيان اتَّضح وجه التفريع على ما تقدم.
﴿وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ﴾ خبر مبتدأ محذوفٍ، أي: اللهُ ثلاثةٌ، على ما استفاض من قولهم بثلاثة أقانيم: الآب أرادوا به الذات، والابن وأرادوا به العلم، وروح القدس وأرادوا به الحياة، والإلهية ثلاثة: الله والمسيح ومريم على ما ذكر في قوله تعالى ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [المائدة: ١١٦].
﴿انْتَهُوا﴾ عن التثليث ﴿خَيْرًا لَكُمْ﴾ نصبُه كما سبق.
﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾؛ أي: واحد بالذات لا تعدُّد فيه بوجهٍ من الوجوه.
﴿سُبْحَانَهُ﴾ أُسبِّحه تسبيحًا من أن يكون له ولد، فإنه يكون لمن يعادله (١) أحد.
﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ ملكًا وحقَّا لا يعادله بشيء من ذلك فهو كالدليل لمَا تقدم.
﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾، أي: لأنَّه تعالى كافٍ في تأثير العالم وتدبيره، وعلى تقدير وجود الشريك يلزم أحد المحذورين: عدمُ كفايته تعالى في التأثير والحفظ، وعدمُ كون الشريك شريكًا.
* * *
(١) في (ح): "يعادل"، والمثبت من "تفسير البيضاوي" (٢/ ١١١).