للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٧٢) - ﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا﴾.

﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ﴾: لن يأنف، من نَكَفْتُ الدَّمع (١): إذا نحَّيتَه بأصبعك لئلا يرى أثره عليك.

﴿أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ﴾: من أن يكون عبدًا له تعالى، فإن عبوديته شرفٌ يباهي به، وإنما المذلة (٢) والاستنكاف في عبودية غيره.

رُوي: أن وفد نجران قالوا لرسول اللّه : لمَ تعيبُ صاحبنا؟ قال: "ومن صاحبكم؟ " قالوا: عيسى، قال: "وأيُّ شيء أقول؟ "، قالوا: تقول: إنه عبد الله، قال: "إنه ليس بعارٍ أن يكون عبدًا لله" قالوا: بلى، فنزلت (٣).

﴿وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ عطف على ﴿الْمَسِيحُ﴾؛ أي: ولا يستنكف الملائكة المقربون أن يكونوا عبيدًا لله.

لمَّا كان عيسى ممتازًا عن بني نوعه بأمرين صالحين لأن يعظَّم بهما ويُظنَّ أنه يستحق بذلك أن يُرفع عن منزلة العبودية:

أحدهما: كونه مخلوقًا من غير أب.

والثاني: كونه مرفوعًا إلى السماء.


(١) في (ح): "الدفع"، والمثبت من "الكشاف" (١/ ٥٩٤)، و"تفسير البيضاوي" (٢/ ١١١).
(٢) في (ح): "المذلقة"، والمثبت من "تفسير البيضاوي" (٢/ ١١١).
(٣) انظر: "الكشاف" (١/ ٥٩٦ - ٥٩٧)، وذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص: ١٨٧) عن الكلبي.