للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولد سنةَ (٨٧٣ هـ) بمدينة طُوقاتَ من نواحي سِيواسَ (١)، ونشأ في بيتِ عزٍّ وجاه، إذ كان والدُه سليمانُ بنُ كمال باشا من قادة الجنود الإسلاميَّة الخاقانيَّة زمنَ السلطانِ محمَّدٍ الفاتحِ، وكان في فتحِ القُسطنطينيَّة مع جنودِ سنجقِ أماسيَا عام (٨٥٧ هـ)، وصار بعد الفتحِ وكيلًا لجند السُّلطان برتبةِ صُوباشي؛ أي: منصب مَن تتوفَّرُ فيه الكفايةُ لضبطِ البلدِ من جهةِ السلطانِ، ثُم تُوفِّي في إسطنبول، ودفنَ إلى جانبِ مدرسةِ أبيهِ كمال معه.

وكذلك كان جدُّه من أمراءِ الدَّولة العُثمانيَّة ومربِّيًا لبايزيد الثاني، وكان ذا حَظوةٍ لدى سلاطينِها، حتى صار نِيْشانجِي (٢) الدِّيوانِ السُّلطانيِّ.

وأما أمُّه فهي بنتُ المولى الفاضلِ مُحيي الدِّينِ محمَّد الشهير بابن كُوبَلو (ت ٨٧٤ هـ)، وهو من العلماء المشهورين بالفضلِ في زمانهم، جعله السلطان محمد الفاتح قاضيًا بالعسكر بعدما تولَّى بعضَ المناصب، ثم عزلَه في سنة (٨٧٢ هـ)، وكان للمولى المذكور بنتانِ، تزوَّج إحداهما المولى سِنان باشا، وتزوَّج ثانيتَهما سليمانُ جلبي ابن كمال باشا، فولِد له منها العلَّامة المترجَم أحمد.

نشأ العلَّامة في صباه في هذا العزِّ والجاه، وغلبَ عليه حُبُّ الكمال، فاشتغل وهو شابّ بالعلم ليلًا ونهارًا، وأنفق ربيعَ عمره في تحصيل كلِّ فضيلة، وصرفَ حداثة سنِّه في إحراز كلِّ معرفة، ثُم لحقَ بزمرة أهل العسكر، وانقطع


(١) طوقات (أو: توقات) وسيواس: مدينتان تقعان شمال شرق تركيا.
(٢) أي: الذي يختم المراسم والمكاتيب بختم السلطان المعروف بطغراء السلطان.

<<  <  ج:
ص:  >  >>