للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ أطلق الذَّكاة لينتظِم غيرَ الاختياري، وهي بالتسمية عند إرسال الجارح، والشرع إنما اعتبر قطعَ الحلقوم والمريِ بمحدَّدٍ في الذكاة الاختياري، ومَن لم يتنبَّه لهذا قال: إلا ما أدركتُم ذكاتَه وفيه حياةٌ مستغرق (١)، ثم إنَّ قيد الاستقرار لا يصحُّ اعتباره عندنا ولا عند الشافعي على الأشهر من قوله، والاستثناء مما يَقبل الذَّكاة من الخمسة المذكورة.

﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾ هو واحد الأنصاب، كانت لهم حجارةٌ منصوبةٌ حول البيت يذبحون عليها وَيشرحون اللحم عليها يعظِّمونها بذلك، يَعُدُّونه قربةً يسمونها الأنصاب.

﴿وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ﴾ عطفٌ على ﴿الْمَيْتَةُ﴾ كالبواقي؛ أي: حرِّم عليكم الاستقسام بالأزلام، وهي الأقداح، وذلك أنهم إذا قصدوا فعلًا ضربوا ثلاثة أقداح مكتوبٍ على أحدها: أمرني ربي، وعلى الآخر، نهاني ربي، والثالث غُفْلٌ، فإن خرج الأمر مَضَوا على ذلك، وإن خرج النهي اجتنبوا عنه، وإن خرج الغُفل أجالوها ثانيًا، فمعنى الاستقسام: طلبُ معرفة ما قُسم لهم دون ما لم يُقسم بالأزلام.

وقيل: هو استقسامُ الجزور بالأقداح على الأَنْصِباء المعلومة.

وواحد الأزلام: زَلَمٌ كجَمَلٍ، أو زُلَمٌ (٢) كصُرَدٍ.


(١) انظر: "تفسير البيضاوي" (٢/ ١١٤)، وفيه: (حياة مستقرة)، وكذا نقله عنه الطيبي في "فتوح الغيب" (٥/ ٢٦٩). قال الشهاب في "الحاشية على البيضاوي" (٣/ ٢١٧): والحياة المستقرّة هي التي لا تكون على شرف الزوال قيل، وعلامتها أن تضطرب بعد الذبح لا وقت الذبح فإنه لا يحسب.
(٢) في (ع): "وزلم".