للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿ذَلِكُمْ فِسْقٌ﴾ إشارة إلى الاستقسام.

﴿فِسْقٌ﴾ لأنَّه ضلال باعتقادهم أنه طريق إلى علم الغيب الذي استأثر اللّه تعالى به، وافتراءٌ على الله تعالى بقولهم: أمرني ربي، وإن كان المراد بالرب الصنم فشرك، هذا على المعنى الأول، وعلى الثاني فظاهرٌ؛ لحرمة الميسر.

لمَّا حلَّل ما حلَّل، وحرَّم ما حرَّم، وختم الكلام بوجهٍ أحكم، حرضهم على التمسك بما شرع لهم فقال تعالى:

﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ﴾: أن يُبْطلوه، وأن تَرجعوا محلِّلين لهذه الخبائث بعدما حرِّمت عليكم، أو: أن يغلبوكم عليه، إن الله تعالى وفَى بعهده من إظهاره على الدِّين كله.

و (اليوم) في مثل هذا مجازٌ عن الزمان الحاضر وما يُدانيه من الماضي والمستقبل، كقولك: كنتَ بالأمس شابًّا وأنت اليوم أشيَبُ.

﴿فَلَا تَخْشَوْهُمْ﴾ أن يظهروا عليكم ﴿وَاخْشَوْنِ﴾: وأخلِصوا الخشية لي.

﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ بالتنصيص على قواعد العقائد، والتوفيقِ على أصول الشرائع وقوانين الاجتهاد؛ لأنها نزلت بعرفاتٍ عامَ حَجةِ الوداع ولم يكن بعدها شرعٌ، قاله ابن عباس (١).

﴿وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ بالنصر والإظهار على الأديان كلها، أو بفتح مكة وهدم منار (٢) الجاهلية.


(١) انظر: "تفسير الطبري" (٨/ ٨٠).
(٢) "منار" من (ي).