ذكر في حقِّ الدِّين الإكمالَ وفي حقِّ النعمة الإتمام؛ لأن الكامل ما لا يحتمِل المزيدَ عليه والتمامَ يحتملُه.
﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ﴾: اخترتُه لكم ﴿دِينًا﴾ من بين الأديان، وهو الدِّين عند اللّه تعالى.
﴿فَمَنِ اضْطُرّ﴾ متصلٌ بذكر المحرَّمات، والتفريعُ باعتبار مفهوم الشرط الآتي ذكرُه (١)، وما بينهما اعتراضٌ أكِّد به معنى التحريم ببيان علَّته، والإشارةِ إلى أن تحريم تلك الخبائث من جملة تكميل الدين وتتميمِ النعمة برفعِ عادات أهل الشرك ويأسهم من رجوعكم عن دينكم.
﴿فِي مَخْمَصَةٍ﴾ متعلّق بـ ﴿اضْطُرّ﴾ ومعنى اضطُر: أُصيب بالضرِّ الذي لا يمكنُه الامتناع من تناول ما يجد من جنس المأكول. ومعنى المخمصة: المجاعةُ؛ لأنها تَخْمصُ لها البطونُ؛ أي: تَضْمُر.
﴿غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ﴾: غير مائلٍ له ومنحرِفٍ إليه بأنْ يأكلها تلذُّذًا أو مجاوِزًا حدَّ الرخصة؛ لقوله تعالى ﴿غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ﴾ [البقرة: ١٧٣].
﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ﴾ لا يؤاخذه بأكله بالجملة ﴿رَحِيمٌ﴾ لا يُحبط حسناتهم بذلك، ولا ينقصُ أجورها، وذلك أن الأكل لتحصيل القوة الوافية لإقامة العبادة المفروضة حسنةٌ يثاب عليها العبد، فافهم هذه الدقيقة الأنيقة.
* * *
(١) في هامش (ي): "فيه دلالة على حجة مفهوم الشرط. منه".