للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حلُّها بأهل الكتاب، قال في المجوس: "سُنُّوا بهم سُنّةَ أهل الكتاب غيرَ ناكِحِي نسائهِم ولا آكِلِي ذبائحَهم" (١).

﴿وَطَعَامُكُمْ﴾: ذبائحُكم ﴿حِلٌّ لَهُمْ﴾ وفيه ردٌّ لامتناعهم عن ذبيحتنا، وتعميمُ الطعام في المقامين يُحوج الكلامَ إلى مزيدِ تقديرٍ (٢).

﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ﴾: العفائفُ منهم (٣)، وتخصيصُه بعثٌ على ما هو الأولى.

﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ يستوي فيه الحربيَّاتُ وغيرُهن خلافًا لابن عباس ، والحرائرُ والإماءُ خلافًا للشافعي ، ومَن رام حِفظَ مذهبه وفَسَّر المحصنات في الموضعين بالحرائر العفائف فقد أَخلَّ به من حيث لم يَدْرِ، وكان يكفيه تخصيصُ المحصنات المذكورة ثانيًا بمعنى العفائف بالحرائر بقرينةِ قوله:


(١) هذا حديث مجموع من حديثين مرسلين، فقد قال الحافظ في "الدراية" (٢/ ٢٠٥): (لم أَجِده هكذا، ولكن رَوَى عبد الرَّزَاق وابن شيبة من طريق الحسن بن محمَّد بن الحنفية رفعه: كتب إلى مجوس هجر يعرض عليهم الإسلام فمَن أسلم قُبل منه ومن لم يسلم ضربت عليه الجِزيَة غير ناكحي نسائِهم ولا آكِلِي ذبائحِهم. ولمالك عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَفعه سنوا بهم سنة أهل الْكتاب). قلت: رواه مالك في "الموطأ" (١/ ٢٧٨) عن جعفرِ بن محمَّد بن عليٍّ عن أبيه: أنَّ عُمرَ ابن الخَطاب ذَكَرَ المَجُوسَ فقال: ما أدري كيف أَصنعُ في أَمْرِهِم؟ فقال عبد الرحمن بن عَوْفٍ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رسولَ الله يقول: "سُنُوا بهم سُنَّةَ أهلِ الكِتابِ". قال ابن عبد البر في "التمهيد" (٢/ ١١٦ - ١١٤): هذا حديث منقطع لأن محمد بن علي لم يلق عمر ولا عبد الرحمن بن عوف … ولكن معناه متصل من وجوه حسان.
(٢) في هامش (ي): "مَن قصَر ذكر التقديرِ بأحدهما فقد قصَّر. منه).
(٣) كذا في النسختين، والصواب: "منهن".