للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ لأن مهرَ الأمة لا يُدفع إليها بل إلى سيِّدها، والتعبير عن المهر بالأجر للتنبيه على أن أثر النكاح ملكُ المتعة لا ملكُ اليمين، والمراد من الإعطاء الالتزامُ كما في آية الجزية، وفائدةُ المجاز: المبالغةُ في وجوب إيتاء المهر، وإلا فهو ليس شرطًا للنكاح، والكلام كنايةٌ عن النكاح بالمهر؛ أي: إذا نكحتموهن بالمهور؛ لكونه في مقابلة الزنا سرًّا وعلانيةً.

﴿مُحْصِنِينَ﴾: أَعِفَّاءَ بالنكاح ﴿غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾ بالزنا.

﴿وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ﴾ قال الزجَّاج: المسافحُ والمسافحةُ: الزانيان غيرَ ممتنعَينِ مِن أحدٍ، فإذا كانت تزني بواحدٍ فهي ذات خِدْنٍ، فحرَّم الله تعالى الزنا على كلِّ حالٍ: على السِّفاح، واتخاذِ الصديق (١).

وقال ابن عباس : الخِدْنُ هو الصديق الذي يكون للمرأة يزني بها سرًّا، كذا كان في الجاهلية، والسِّفاح: ما ظهر (٢) منه، وكان فيهم مَن يحرِّم ما ظهر من الزنا ولا يحرِّم ما خَفِي منه (٣).

﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ﴾: بمقتضاه من أحكامه وشرائعه مما أَحلَّ اللّه تعالى وحرَّم، ولا يخفى ما في هذا (٤) المجاز من المبالغة، والإشعارِ بأن الشرائع من لوازم الإيمان، وإنكارُها كفرٌ؛ لانتفاء الملزوم بانتفاء اللازم.

﴿فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ مقتضَى الظاهر العطفُ بالفاء


(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٣٧).
(٢) في (ع): "أظهرت".
(٣) انظر: "البحر" (/)، ورواه بنحوه الطبري في "تفسيره" (٦/ ٦٠٣).
(٤) "هذا" من (ع).