للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ﴾: تاركين لها غيرَ ملتفتين إليها؛ لكونهم غيرَ مبالين بالعواقب، وفي العدول عن صيغة الفعل وزيادة (كان) دلالةٌ على شدَّة إعراضهم، وقوَّة ثباتهم فيه، وزيادة تمرُّنهم عليه.

* * *

(٥) - ﴿فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾.

﴿فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ﴾ كلامٌ كاللازم لمَا قبلَه؛ أي: إذا أعرضوا عن الآيات كلِّها فقد كذَّبوا بالحقِّ.

﴿لَمَّا جَاءَهُمْ﴾؛ أي: بها، أو كالدَّليل عليه؛ أي: إنْ هم أعرضوا عن الآيات كلِّها (١) فلا عجبَ؛ فقد كذَّبوا بما هو أعظم الآياتِ كلِّها وأجلُّها، وهو الحقُّ لمَّا جاءَهم؛ أي: القرآن الذي تُحدُّوا به فعجزوا عن الإتيان بمثله، وكأنَّه لوضوحه معلومٌ عندَ الكلِّ أنَّ الحقَّ هو (٢) لا يحتاج إلى تسميته (٣)، وعلى هذا معنى الإبهام في ﴿أَنْبَاءُ مَا كَانُوا﴾ تعظيم القرآن وتفخيم شأنه؛ أي: سيعلمون بأي شيء استهزؤوا، وينكشف لهم أنَّه لم يكن بموضع (٤) استهزاء.

﴿فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ﴾ يعني: أنَّ الإتيان كائنٌ لا محالة وإن تأخَّر، ففائدته تأكيد الوعد وتثبيته، لا بيانُ كونه متأخرًا (٥).

﴿أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾: أخبار ما استمرُّوا على تجديد الاستهزاء به حينًا


(١) "كلها"من (ك) و (م).
(٢) في (ح) و (ف): "عند الكل أنه الحق وهو".
(٣) في (ح): "تسمية".
(٤) في (م) و (ك): "في موضع".
(٥) "يعني أن الإتيان .. " إلى هنا من (م) و (ك).