للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أن الضمير للمَلَك المُقْتَرح إنزالُه تأباه عبارة: ﴿جَعَلْنَاهُ مَلَكًا﴾، فإن المناسب حينئذ أن يقال: ولو أنزلناه ملكًا لجعلناه رجلًا.

وإنما لم يقل: بشرًا، مع أنه المناسب لمقابِل (١) المَلَك، تضمينًا للكلام معنًى زائدًا على أصل المرام، وهو الإشارة إلى أن شأن الرِّسالة البراءةُ عن النُّقصان، ولا بدَّ من رعايته على التَّقدير المذكور حتى لا يصح أن يكون الرَّسول المفروضُ في صورة امرأة ولا في صورة صبيٍّ.

ولما كان تفصيل ما ذكر: أنه لا نفع لهم فيما سألوا؛ لأنَّه إذا كان في صورة رجل لا يعلمون أنه ملك، فلا (٢) يُجدي نفعًا في دفع شبهتهم= اتَّجه أن يقال: يجوز أن يكون له آثار المَلَك في صورة الرَّجل، فيندفع الاشتباه بذلك، تُدورِكَ دفعه بما مرجعه إلى أنه لا بدَّ من الالتباس والاشتباه كيلا (٣) تفوت حكمة التَّكليف، فقوله:

﴿وَلَلَبَسْنَا﴾ من تتمة الجواب، قرئ باللَّامَيْن على تقدير شرط آخر (٤)، وقرئ بلام واحدة على العطف، وبالتَّشديد فيهما للمبالغة (٥).


(١) في (م) و (ك): "لمقابلة".
(٢) في (م): "ولا"، وفي (ك): " لا ".
(٣) في (ح): "كيما".
(٤) أي: ولو جعلناه رجلًا للبسنا. انظر: "تفسير البيضاوي" (٢/ ١٥٥). وكأن الداعي إليه إعادة لام الجواب، فإنه يقتضي استقلاله، وأنَّه لا ملازمة بين إرسال الملك واللبس عليهم، فإنه ليس سببا له بل لعكسه. انظر: "روح المعاني" (٨/ ٥٥).
(٥) قرأ ابن محيصن: (ولبسنا) بلام واحدة، وقرأ الزهري: (وللبَّسنا) بالتشديد. انظر: "الكشاف" (٢/ ٨)، و"المختصر في شواذ القرآن" (ص: ٣٦).