للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولكنَّ الله تعالى أبى من استئصالهم به (١) تعظيمًا لنبيِّه، كما أخبر به في قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾ [الأنفال: ٣٣].

﴿ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ﴾؛ أي: لا يُؤجَّلون ولا يُمهلون، قال قتادة: ولو أنزلنا ملكًا ثم لم يؤمنوا (٢) لَعُجِّلَ لهم العذاب، ولم يُؤخَّروا طرفةَ عين (٣). يعني: بعد عدم إيمانهم، لا بعد نزول العذاب.

وفي لفظة (ثم) إشارة (٤) إلى أن لهم مهلةً (٥) قَدْرَ أنْ يتأمَّلوا فيما نزل، فيؤمنوا بالاختيار والاختبار، لا بالإلجاء والاضطرار، فافهم هذا الاعتبار.

* * *

(٩) - ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ﴾.

﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ﴾؛ أي: ا لرَّسولَ ﴿مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ﴾؛ أي: لمثَّلنا ﴿رَجُلًا﴾ كما مُثِّل جبريل في صورة دِحْية، وذلك لأنَّ أبصار عامَّة البشر لا تقدر (٦) على النَّظر إلى صورة المَلَكِ؛ للُطفه وضعفِ شعاع إبصارهم.

جوابُ اقتراح ثانٍ، فإنهم تارةً يقولون: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ﴾ [الأنعام: ٨]، وتارة يقولون: ﴿لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً﴾ [فصلت: ١٤]، واحتمال أن يكون جوابًا ثانيًا على


(١) "به" سقطت من (ف).
(٢) في (ح): "يرضوا".
(٣) أخرج نحوه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢/ ٤٣)، والطبري في "تفسيره" (١١/ ٢٦٧).
(٤) في هامش (ف): "رد لمن قال: إن معنى ثم بعد ما بين الأمرين. منه ".
(٥) في (م): "مهلًا".
(٦) في (م) و (ك): " يقدرون ".