للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بأعيانهم توغلوا في التَّعنُت والعناد، على وفق ما ذكر في سبب النُّزول، فيكون التَّوصيف بيانًا لسبب تقوُّلهم هذا.

﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ توصيف السِّحر بالمبين في مقابلة توصيف المنزَّل بكونه ملموسًا بأيديهم، فكأنهم عارضوا تأكيده الفعليَّ في الإظهار بتأكيدهم القوليِّ بالإنكار، وهذا دليل على (١) غاية عنادهم ونهاية خبثهم وفسادهم.

* * *

(٨) - ﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ﴾.

﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ﴾: هلَّا أنزِل ﴿عَلَيْهِ مَلَكٌ﴾ يكلِّمنا أنه نبيٌّ (٢).

﴿وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾ جواب لقولهم، وبيانُ المانع من إنزال مقترحهم.

والقضاء: الإتمام والإلزام، والمعنى: لتمَّ أمرهم؛ لوجوب العذاب بعد ذلك، وهذا لأنهم لا يؤمنون ولو نزل عليهم (٣) الملك؛ كما أخبر الله تعالى به في قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا﴾ [الأنعام: ١١١]، وسنَّة الله تعالى في الكفار قد جرَّتْ على أنَّه متى اقترحوا آيةً قاهرةً فظهرت ثم لم يؤمنوا استؤصلوا بالعذاب، على ما (٤) أفصح عن ذلك آية المائدة (٥)،


(١) "على": ليست في (م) و (ك).
(٢) في هامش (ح): "قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا﴾ استثناء أو عطف على جواب (لو)، و (عليه) فيه التفات عن ضمير المخاطب في (عليك). قطف الأزهار".
(٣) في (م): " نزل عليه "، وفي (ح): "نزلنا عليهم ".
(٤) في (م) و (ك): "كما".
(٥) وذلك عندما طلب قوم عيسى منه أن ينزل الله تعالى عليهم مائدة من السماء، فأنزلها الله تعالى وقال: ﴿إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ [المائدة: ١١٥].