للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قالوا: يا محمَّد، لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله ومعه أربعة من الملائكة يشهدون عليه أنه من عند الله وأنك رسوله، فنزلت (١).

* * *

(٧) - ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾.

﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ﴾ (نزَّل) هاهنا بمعنى: أنزل، كخبَّر بمعنى: أخبر.

﴿كِتَابًا﴾: مكتوبًا ﴿فِي قِرْطَاسٍ﴾: ورق.

لم يقتصر على رؤيتهم الكتاب عيانًا في قرطاس، بل زاد عليه التقييد بقوله:

﴿فَلَمَسُوهُ﴾ تقوية للإدراك البصري بالإدراك اللَّمسي مبالغةً في الظُّهور، وليس فيه دفعُ ما عسى أن يقولوا: سكِّرت أبصارنا وما نزل من السماء شيء، إذ باللَّمس إنما يندفع احتمال كون المرئيِّ مخيَّلًا، وأما نزوله من السماء فلا يثبت به، ثم إن اللَّمس أبلغ من المسِّ؛ لأنَّه لصوق بإحساس، والمس لصوق فقط، ولذلك آثر اللَّمس عليه.

﴿بِأَيْدِيهِمْ﴾ إنما قيَّد به؛ لأنَّ اللُّصوق بالإحساس يكون بجميع الأعضاء، ولليد خصوصية في الإحساس ليست في سائرها، وأما التَّجوز باللَّمس عن الفحص كما في قوله تعالى: ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ﴾ [الجن: ٨] فلا يندفع به؛ إذ لا بُعْدَ في أن يكون ذلك لبيان مباشرتهم (٢) للفحص بأنفسهم، بل يندفع بكون المعنى الحقيقي أنسبَ للمقام، ولمَا سيق له الكلام.

﴿لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ عدل عن الظَّاهر حيث لم يقل: لقالوا، تنبيهًا على أن هذا ليس بأوَّل كفرٍ منهم، ويجوز أن يكون تعريف الموصول للعهد، والمراد به أشخاصٌ


(١) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٢٠٨)، والبغوي في "تفسيره" (٢/ ٨٥).
(٢) بعده في (ح) و (ف) زيادة: "بل ".