للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿يَوْمَئِذٍ﴾ وقرئ: ﴿يُصْرَفْ﴾ مبنيًا للفاعل (١)، على أن الضمير فيه لله تعالى، ويعضُده القراءةُ بإظهاره (٢)، ويناسبه الجزاء، والمفعول به محذوف لظهوره مما قبله، أو ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ على أن يراد منه هولُه، فلا حاجة إلى تقدير المضاف.

وفي عبارة الصَّرف إشارة إلى أنَّ الآية فيمَنْ استحقَّ العذاب.

﴿فَقَدْ رَحِمَهُ﴾ رحمةً هي ذلك الصَّرْفُ نفْسه، ونظير هذا قوله : "لن يَجْزيَ ولدٌ والدَه إلَّا أن يجدَه مملوكًا فيشتريَه فَيُعْتِقَهُ" (٣) " يعني: بالاشتراء المذكور، ووجهُ ذلك: أن اختلاف العنوان يكفي في صحَّة التَّرتيب والتَّعقيب.

ولك أن تقول: إنَّ الرَّحمة سببٌ للصَّرْف سابقٌ عليه، على ما لوَّح إليه، حيث أتى (٤) بصيغة الماضي وصيغته مستقبل، والتَّرتيبُ باعتبار الإخبار عنها (٥).

﴿وَذَلِكَ﴾، أي: صَرْفُ العذاب عنه وهو مستحِقٌّ له.


(١) قرأ بها حمزة وأبو بكر والكسائي. انظر: "التيسير" (ص: ١٠١).
(٢) نسبت هذه القراءة لأبي بن كعب . انظر: "الكشاف" للزمخشري (٢/ ١٠)، و"البحر" (٩/ ٥٩).
(٣) رواه مسلم (١٥١٠) من حديث أبي هريرة . ومحل الشاهد أن قوله: "فَيُعْتِقَهُ" ليس معناه استئناف العتق فيه بعد الملك؛ لأن الإجماع منعقد على أن الأب يعتق على الابن إذا ملكه في الحال، وإنما معناه: أنه إذا اشتراه فدخل في ملكه، عتق عليه. فلما كان الشراء سببًا لعتقه، أضيف العتق إلى عقد الشراء. انظر: "جامع الأصول" لابن الأثير (١/ ٤٠٠).
(٤) في (م) و (ك): " أوتيت ".
(٥) العبارة في "روح المعاني" (٨/ ٨١): ( … ولك أن تقول: إن الرحمة سبب للصرف سابق عليه على ما تلوِّح إليه صيغة الماضي والمستقبل، والترتيبُ باعتبار الإخبار)، والمعنى واحد، وقد عزاه الآلوسي لبعض الكاملين، ولعل المراد المؤلف حيث إن الآلوسي نقل - كلام المؤلف في الآية بتمامه عدا ما أشرنا إليه من الاختلاف في بعض الألفاظ.