للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ﴾؛ أي: تستقرُّ فيها، وفائدته: تحقيق المقابلة بينها وبين قرينها المقابل، فإن بعض الطير (١) يتحرك على وجه الأرض إلا أنه لا يستقرُّ فيها (٢).

﴿وَلَا طَائِر﴾ وقرئ بالرفع على المحل (٣).

﴿يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ﴾ تصوير لتلك الهيئة الغريبة الدَّالة على القوَّة الباهرة، والمقامُ مقامُ بيانِ كمالِ قدرته تعالى.

وقيل: إنَّه لقطعِ مجازِ السُّرعة، وقيل: للتَّعميم.

ويَرِدُ عليهما أنَّه لو قيل: (ولا طائرٍ في السماء) لكان أَخصرَ (٤)، وفي إفادة ذَيْنِكَ الأمرين (٥) أظهر، مع ما فيه من رعاية المناسبة بين القرينين بذكر جهة العلوِّ في أحدهما وجهة السُّفل في الآخر.

﴿إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ محفوظةٌ أحوالُها، مقدَّرةٌ (٦) أرزاقُها وآجالُها، والمقصودُ من ذلك: بيانُ كمالِ قدرته، وشمول علمه، وسعة تدبيره؛ ليكون كالدَّليل على أنه قادرٌ على أن ينزل آية، وحُمل ﴿أُمَمٌ﴾ على المعنى فجُمِعَ تقويةً للعموم المستفاد من وقوع النَّكرة في سياق النَّفي مصحوبة بـ ﴿مِنْ﴾ التي تفيد الاستغراق.


(١) في (م) و (ك): "الطائر".
(٢) في هامش (ف): "لا يلزم أن يكون لازمًا مساوياً لها حتى لا يصح المقابلة. منه ".
(٣) نسبت لابن أبي عبلة. انظر: "الكشاف" (٢/ ٢١)، و"البحر المحيط" (٩/ ١٤١).
(٤) في هامش (ف): "لو قيل: في السماء، لم يشمل أكثر الطيور لعدم استقرارها في السماء، ثم يجوز أن يقصد التصور مع قطع المجاز أو التعميم إذ لا تمانع. منه ".
(٥) في (ح) و (ف): " للأمرين ".
(٦) في (ف): "مقررة ".