للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والاتِّباع له (١)، فإذا فعلوا ذلك وأجابوه طردهم وأبعدهم، هذا لَعمري مدفوعٌ في عقل كلِّ عاقل، ولكن يجوز أن يكون طلبَ ذلك منه أولئك، فأمَّا أنْ يهمَّ هو به فلا، ويجوز أن يكون هذا من الله تعالى ابتداءَ تأديب وتعليم له في صحبة (٢) أصحابه ومعاملتهم، وإخباراً عن قَدْرهم عنده (٣).

﴿مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ كقوله: ﴿إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ﴾ (٤) [الشعراء: ١١٣].

وذلك أن المشركين طعنوا في دينهم وإخلاصهم، فشهد (٥) الله تعالى لهم بالإخلاص، وقال لنبيه : ما عليكَ من حسابهم من شيءٍ كما لا عليهم من حسابكَ من شيءٍ؛ أي: لا يلزمُك اعتبار بواطنهم وإخلاصهم (٦) بعد اتِّسامهم بسيرة المتَّقين وصلاحِ ظواهرهم، إنما ذلك على الله تعالى أو عليهم، أَخلصوا أو لم يُخلصوا لا عليك، فحالهم في ذلك بالنسبة إليك كحالك بالنسبة إليهم سواءً لا يتعدَّى ذنب أحد إلى صاحبه؛ كقوله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤] فالجملتان في تأدية المعنى المراد بمنزلة جملة واحدة.

وقيل: حساب رزقهم؛ أي: فقرهم.


(١) "له" سقط من (ح) و (ك).
(٢) في (ف): "صحبته".
(٣) انظر: "تفسير الماتريدي" (٤/ ٩١).
(٤) "لو تشعرون": ليست في (م) و (ك).
(٥) في (م): "وشهد".
(٦) "وإخلاصهم" من (م).