للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من الكمال، لا أمرٌ من (١) جانبهم، وعدم الغيبة عنهم (٢) مجازٌ متفرِّع على الكناية عن الإحاطة التامة بأحوالهم وأفعالهم وأقوالهم (٣)، وفيه دفعُ ما عسى أن يخطرَ بالبال من أنَّ وزن الأعمال لخفاءِ الحال (٤)، فله تعلُّق تام لجانبي الكلام، مُورِثٌ لكمال الحسن في النظام، وتمامِ الالتئام.

* * *

(٨) - ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.

﴿وَالْوَزْنُ﴾ مبتدأ ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ ظرفُه ﴿الْحَقُّ﴾ خبرُه؛ أي: والوزن يومَ يسأل الله الأممَ ورسلَهم هو الحقُّ الثابت الواجب الوقوع، أو ﴿الْحَقُّ﴾ صفته والخبر ﴿يَوْمَئِذٍ﴾؛ أي: الوزنُ العدل كائنٌ يومئذ، والأول أولى؛ لأن المقام مقامُ الإخبار عن الوزن الواقع يومئذ بأنَّه الحق لا غيرُه، لا عن اليوم المذكور بأن الوزن الحقَّ فيه لا في غيرَه.

قيل: توزن صحف الأعمال بميزانٍ له لسانٌ وكفَّتان ينظر إليه الخلائق؛ إظهاراً للمَعدَلة وقطعاً للمعذِرة، كما يسألهم عن أعمالهم فتعترف بها ألسنتُهم وتشهد بها جوارحُهم، وبه أخذ الجمهور، ويصدِّقه ما ورد في الخبر عن خير البشر: أن الرجل يؤتى به إلى الميزان فيُنشرُ عليه تسعةٌ وتسعون سجلًّا (٥) كلُّ سجلٍّ مدَّ البصر، فيُخرَجُ


(١) في (م) و (ك): "عن".
(٢) في (م): "بينهم عنهم"، والصواب المثبت، ولعل الثانية ذكرت تصحيحاً للأولى.
(٣) في هامش (ف): "من غفل عن هذا قال: فيخفى علينا شيء من أحوالهم. منه".
(٤) في هامش (ف): "فيه رد لصاحب الكشاف. منه".
(٥) في هامش (ف): "فيه رد على القاضي في قوله: على الرسل، حين يقولون: لا علم لنا، ولا يذهب علينا أنه لا يناسب السؤال بـ: ماذا أجبتم، سواء كان للاستخبار أو لغير. منه".