للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تعالى، وهو وقتٌ قدِّر فيه انتهاءُ أجل المنظَرين، ويومُه يومُ النفخة الأولى، وإنما أبهمه الله تعالى كيلا يخلوَ اللَّعين عن ألم الخوف في كلِّ حين، وفي إقحام اليوم زيادةٌ في الإبهام، كما لا يخفى على ذوي الأفهام.

* * *

(١٦) - ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾.

﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾ الباء للسببية تعلَّقت بفعل القسم، وقد أُظهر المقسَمُ به في قوله: ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [ص: ٨٢]، لا بـ (أقعدنَّ)؛ لأن اللام تصدُّ عنه (١)، و (ما) مصدرية.

وأصل الغَيِّ: الفساد، تقول (٢) العرب: غَوِي الفصيل، إذا بَشِمَ، والبَشَمُ: فسادُ اللبن في البطن.

والمعنى: بعد أن أمهلْتَني لأجتهدنَّ في إغوائهم بأيِّ وجهٍ يمكِنني، بسبب إغوائك إياي فيهم، حتى يَفسُدوا بسببي كما فَسَدْتُ بسببهم.

﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ﴾ القعودُ كناية عن الترصُّد، بل مجازٌ متفرِّع عليها؛ لأن المراد من الصراط المستقيم: الدِّينُ القويم، وهو لا يصلح متعلَّقاً للقعود الحقيقي.

﴿صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ نصبُه على تضمين معنى اللُّزوم؛ أي: لألزَمنَّ صراطك مترصِّداً كما يفعلُه قطاع الطريق للسابلة، وهذا أولى من انتصابه على الظرف، وأمَّا انتصابُه على إسقاط (على) كما قاله (٣) الزجَّاج، وشبَّهه بقول العرب:


(١) في هامش (ف): "فيه رد لمن قال: الباء للقسم، ولمن قال: المعنى: أقسم بالله. منه".
(٢) في (م) و (ك): "لقول".
(٣) في (ف): "على إسقاطه كما قال".