للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ضُرِبَ زيدٌ الظَّهرَ والبطنَ (١)، ففيه: أن إسقاط حرف الجر في مثل هذا لا يَنقاس.

* * *

(١٧) - ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾.

﴿ثُمَّ﴾ مستعارٌ (٢) لبُعد ما بين الإجمال المذكور والتفصيل الآتي في ضمن التمثيل.

﴿لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾ مثَّل إتيانه إياهم بقصدِ التسويل والإضلالِ بإتيانِ العدوِّ السابلة بقصدِ القتل ونهبِ الأموال، محيطاً بهم من الجوانب كيلا يفوتَ الاستئصال، ولهذا خَصَّ الجهات الأربعَ بالذِّكر، وإلا فقصدُ التسويل يَتيسَّرُ (٣) له من جميع الجهات، وإنما قال: ﴿مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ﴾ ولم يقل: قدَّامَهم، قصداً إلى تشبيه إتيانه من تلك الجهة بإتيانِ عدوٍّ لم يتنبَّه له الخصم إلا وهو حاضرٌ بين يديه، فإنه أشدُّ كيداً وأشدُّ نكايةً.

وإنما عدِّي الفعل في الأوَّلَينِ بـ (مِن) لأن فيهما (٤) معنى طلبِ النهاية، وفي الآخَرَينِ بـ (عن) لأن فيهما معنى الانحراف عن المقصد.

﴿وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ لم يقل: فلا تجد؛ لأنَّه أراد بيان حالهم هذا على مقتضَى جِبِلَّتهم (٥) لا بسببِ تسويلٍ وإضلالٍ، ولا تعلُّقَ له بقوله: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ


(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٣٢٤)، و"الكشاف" (٢/ ٩٣)، و"تفسير البيضاوي" (٣/ ٧).
(٢) في (م) و (ك): "يستعار".
(٣) في (ف) و (ك): "تيسير".
(٤) في (م) و (ك): "فيها".
(٥) في (م): "حيلتهم".