للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي (١) الآية دلالةٌ على أن في بعض الأفعال قبحاً (٢) يُثْبته العقل مع قطع النظر عن السمع، وإن لم يدلَّ على ترتُّب الذمِّ عليه آجلاً قبل النَّهي عنه.

﴿أَتَقُولُونَ﴾ أتفترون ﴿عَلَى اللَّهِ﴾ إنكارٌ يتضمَّن النهيَ، وإنما قال:

﴿مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ إظهاراً لِمَا في افترائهم من زيادةِ قبحٍ؛ لتضمُّنه الإخبارَ عمَّا لا علم لهم به.

* * *

(٢٩) - ﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾.

﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ﴾: بالعدل الذي هو الواسطةُ بين طرفي الإفراط والتفريط في كلِّ شيء.

﴿وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ﴾ معطوفٌ على ما ينحلُّ إليه المصدر الذي هو (القسط)؛ أي: بأنْ أَقْسِطوا وأَقِيموا، وكما ينحلُّ المصدر إلى (أنْ) والفعلِ الماضي نحو: عجبتُ من قيام زيد وخَرَج؛ أي: من أنْ قام زيدٌ وخَرَج، كذلك ينحلُّ إلى (أنْ) مع الفعل المضارع نحو:

لَلُبْسُ عَباءةٍ وتَقَرَّ عيني (٣)


(١) في (م) و (ك): "في".
(٢) في (ف): "قبيحاً".
(٣) صدر بيت لميسون بنت بحدل كما في "المحتسب" (١/ ٣٢٦)، و"الحماسة الشجرية" (٢/ ٥٧٤)، ودون نسبة في "الكتاب" (٣/ ٤٥)، وعجزه:
أحبُّ إلي من لبس الشُّفوف