للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ﴾؛ أي: من مكانٍ لا ترونهم فيه، قال ابن عباس : صدرُ الإنسان له مسكنٌ، وَيجري منه مجرى الدم.

وإنما لم يقل: ولا تَرونهم، كيلا يذهبَ الوهم إلى عدم تيسير رؤيتهم لنا مطلَقاً.

﴿إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ بالتناسُب بينهم، والآية مقصودُ القصة (١).

* * *

(٢٨) - ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.

﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً﴾ فعلةً متناهيةً في القبح؛ كعبادة الصنم، وكشفِ العورة في الطواف.

﴿قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا﴾ اعتذَروا بتقليد الآباء. ولمَّا رأوا ما فيه من الضعف أيَّدوه بقولهم: ﴿وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا﴾.

قيل: هما جوابَا سؤالين مترتِّبين؛ كأنه قيل لمَّا فعلوها: لِمَ فعلتُم؟ فقالوا: وجدنا عليها آباءنا، فقيل: من أين أَخذ آباؤكم؟ فقالوا: الله أمرنا بها.

وفيه: أن حقَّ النظم حينئذ: والله أمَرهم بها.

﴿قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ﴾؛ لأن عادته تعالى جرت على الأمر بمحاسنِ الأفعال، والحثِّ على مكارم الخصال، اقتصر على ردِّ الثاني لِمَا عرفْتَ أن الأول لا يُعوَّل عليه بدونه.


(١) في (م): "مقصودة القصة". وانظر: "تفسير البيضاوي" (٣/ ١٠)، وفيه: (والآية مقصود القصة وفذلكة الحكاية). ويعني: الحكاية السابقة، والفذلكة: مجمل ما فصِّل وخلاصته.