للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العورة أولُ سوءٍ أصاب الناس من الشيطان، وأنَّه أغواهم في ذلك كما أغوى أبويهم، وأن الفطرة السليمة اقتضت سترَها بخَصْف الورق عليها ليَتَّعِظوا بها.

* * *

(٢٧) - ﴿يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾.

﴿يَابَنِي آدَمَ﴾ لا يخفى على الفَطِن ما في هذا التعبير من الإشارة إلى أنهم مَظِنَّة الافتنان لكونهم ذريةَ مَن افتتن.

﴿لَا يَفْتِنَنَّكُمُ﴾: لا يمنعنَّكم ﴿الشَّيْطَانُ﴾ دخول الجنة بالافتتان؛ أي: بالإغواء.

﴿كَمَا أَخْرَجَ﴾؛ أي: أَفْتَنَ (١) ﴿أَبَوَيْكُمْ﴾ بما أدى إلى إخراجهما ﴿مِنَ الْجَنَّةِ﴾.

والمراد بنهي الشيطان: المبالغةُ في نهيهم عن مظانِّ الافتتان به.

﴿يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا﴾ حال من ﴿أَبَوَيْكُمْ﴾ أو من فاعلِ ﴿أَخْرَجَ﴾، وإسنادُ النزع إليه مجازيٌّ للتسبُّب، والعدولُ عن صيغة الماضي لاستحضار تلك الصورة الفظيعة.

والنزع: قلع الشيء عن موضعه الذي هو مُلابسٌ له.

﴿إِنَّهُ﴾؛ أي: إن الشيطان ﴿يَرَاكُمْ﴾ تعليل للنهي على سبيل الاستئناف، وتأكيدٌ للتحذير من فتنه بأنَّه بمنزلةِ العدوِّ المُداجي يكيدكم (٢) من حيث لا تشعرون.

﴿هُوَ﴾ أظهره ليصح عطفُ قوله: ﴿وَقَبِيلُهُ﴾؛ أي: جنوده.


(١) في (ك): "فتن".
(٢) في (م): "المواجي بكيدكم". وفي "ف": (المداحي لكيدكم).