للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هي تحقيقُ الخبر، ولا يخالف هذا ما تقدم في سورة الأنعام من قولهم: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣]؛ لأن إنكارَهم ذلك عند غيبة آلهتهم على ما بيِّن فيما سبق، واعترافَهم هذا عند حضورهم على ما أَفصح عنه قولُه تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ﴾ [النحل: ٨٦].

* * *

(٣٨) - ﴿قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.

﴿قَالَ﴾ أي: يقول الله تعالى لهم على ألسنة الملائكة يوم القيامة: ﴿ادْخُلُوا﴾.

ويجوز أن يكون الأمر (١) للتسخير؛ كما في قوله تعالى: ﴿اهْبِطُوا﴾ [البقرة: ٣٦]، فيكون دخولهم في النار بلا قدرةٍ منهم واختيار (٢)، كما هو الظاهر من قوله تعالى: ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ﴾ [الملك: ٨].

﴿فِي أُمَمٍ﴾؛ أي: كائنين في عدادِهم ومصاحِبين (٣) لهم، فإن كلمة (في) تجيء بمعنى (مع).

﴿قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾؛ أي: مضت؛ لأنَّ مَن مضَى بالهلاك فقد انتَفَى عن مكانه فخلا مكانُه عنه، إلا أنه قَلب فنَسب الخلوَّ إليه.


(١) "الأمر": ليست في (م).
(٢) في (م) و (ك): "قدرة واختيار منهم".
(٣) في (ف): "أو مصاحبين"، والمثبت من (ك) و (م)، وهو الصواب. انظر: "الكشاف" (٢/ ١٠٢)، و"تفسير البيضاوي" (٣/ ١٢).