للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ﴾؛ أي: لكلٍّ منكم ومنهم ضعفٌ: مِثْلٌ زائد على مِثْلٍ؛ لأن كلًّا من الفريقين ضالٌّ ومُضلٌّ، وهذا في حق القادة ظاهرٌ، وأمَّا في حق الأتْباع فلأنهم بالاتِّباع لهم وصدورهم عن رأيهم زادهم في طغيانهم وثباتهم على الضلال، وقوتهم على الإضلال، وقد أَفصح عن هذا المعنى في قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ [الجن: ٦]، وأما التقليد في الباطن (١) فلا يصلح وجهاً له؛ لعدم اختصاصه بالأتباع، فإن القادة أيضاً قد يكونون مقلِّدين (٢).

﴿وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ ذلك؛ كيلَا يحصلَ لهم نوعُ سلوةٍ وسرور، فإنه لو علم كلٌّ منهم ما بالأخرى (٣) بسبب إضلالهم إياهم لكان لهم فيه تسلِّ وخفَّةٌ. وقرئ بالياء على الانفصال (٤).

* * *

(٣٩) - ﴿وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ﴾.

﴿وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ﴾ مرتَّباً كلامُهم على جوابه تعالى لآخريهم.


(١) في (ك): "الباطل".
(٢) في هامش (ف): "ويرد عليه أنه يلزم في أن يكون سلسلة الأمم الداخلة في النار غير متناهية؛ لأن موجب ما ذكر أن يكون لكل أمة داخلة في النار قادة مضلة لها، وهي أيضاً من الأمم الداخلة فيها، فيلزم أن يكون لها أيضاً قادة فضلاً هكذا إلى ما لا نهاية له".
(٣) في (م) و (ك): "كل منهم بالآخر".
(٤) هي رواية شعبة عن عاصم، والباقون بالتاء. انظر: "التيسير" (ص: ١١٠).