للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا﴾ النقمة: الأخذ بالعقوبة، وتعديتُه بـ (من) لتضمُّنه معنى: تنال، وعلى هذا يكون قوله: ﴿إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا﴾ مفعولاً من أجله استثناءً مفرَّغاً؛ أي: ما تنال منا أخذاً إيانا بالعقوبة لشيء من الأشياء إلا لأنْ آمنا، وهذا ما أشار إليه عطاء في تفسيره حيث قال: أي: ما لنا عندك ذنب تعذِّبُنا عليه إلا أنْ آمنا (١).

ثم فزعوا إلى الله تعالى بقولهم: ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا﴾؛ أي: على وعيد فرعون؛ لعلمهم أن الصبر مَطهَرة لهم استعارةً بالكناية، شبَّه الصبر بالماء فأورد الإفراغ؛ أي: أَفِضْ علينا من الصبر ما يَغمرنا ويَفيض عنَّا كما يُفْرَغ الماء إفراغاً، والتنوين للتعظيم؛ أي: صبراً واسعاً كثيرًا.

أو: ما يطهِّرنا من أوضار الآثام كما يطهِّر الماءُ من الأقذار.

﴿وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ﴾ ثبِّتنا على السلام إلى الممات.

قيل: إنه فعل بهم ما أَوعدهم.

وقيل: لم يقدر عليهم؛ لقوله تعالى: ﴿أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ﴾ [القصص: ٣٥]. وفيه نظر؛ لأن المراد مَن اتبعهما قبل غلبتهما فلا يتناول السحرة.

* * *

(١٢٧) - ﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ﴾.

﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ﴾ بتغيير الناس عليك ودعوتهم إلى مخالفتك.


(١) انظر: "تفسير البغوي" (٢/ ٢٢١)، و "البحر" (١٠/ ٢٥٠)، وعنه نقل المؤلف.