﴿وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا﴾ النقمة: الأخذ بالعقوبة، وتعديتُه بـ (من) لتضمُّنه معنى: تنال، وعلى هذا يكون قوله: ﴿إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا﴾ مفعولاً من أجله استثناءً مفرَّغاً؛ أي: ما تنال منا أخذاً إيانا بالعقوبة لشيء من الأشياء إلا لأنْ آمنا، وهذا ما أشار إليه عطاء في تفسيره حيث قال: أي: ما لنا عندك ذنب تعذِّبُنا عليه إلا أنْ آمنا (١).
ثم فزعوا إلى الله تعالى بقولهم: ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا﴾؛ أي: على وعيد فرعون؛ لعلمهم أن الصبر مَطهَرة لهم استعارةً بالكناية، شبَّه الصبر بالماء فأورد الإفراغ؛ أي: أَفِضْ علينا من الصبر ما يَغمرنا ويَفيض عنَّا كما يُفْرَغ الماء إفراغاً، والتنوين للتعظيم؛ أي: صبراً واسعاً كثيرًا.
أو: ما يطهِّرنا من أوضار الآثام كما يطهِّر الماءُ من الأقذار.
﴿وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ﴾ ثبِّتنا على السلام إلى الممات.
قيل: إنه فعل بهم ما أَوعدهم.
وقيل: لم يقدر عليهم؛ لقوله تعالى: ﴿أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ﴾ [القصص: ٣٥]. وفيه نظر؛ لأن المراد مَن اتبعهما قبل غلبتهما فلا يتناول السحرة.