للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وصيغةِ الماضي الدالةِ على الاستمرار بأنَّ جنسها مقطوعُ الوقوع (١) لكثرته واتساعه، ونكَّر السيئة مع حرف الشكِّ وصيغةِ المضارع؛ لقلَّتها ونُدور وقوعها وتجدُّدها يناسب الإيقاظَ والاتِّعاظ، والحسنة لا يخلو عنها أحد والسيئة لا يقع منها إلا شيء (٢).

وهذا إغراقٌ (٣) في وصفهم بالقساوة والجَفوة والغباوة، بأنَّ الشدائد التي ترقِّق القلوب، وتذلِّل النفوس، وتُلين العرائك، وتكسِر الشكائم، لم توثِّر فيهم، ولم يزدادوا بها إلا انهماكًا في الغي وعُتوًّا في الكفر، ولذلك بولغ في إنكار التطيُّر بموسى ومَن معه بإسنادِ الشر والخير إلى الله تعالى على القصر بـ ﴿إِنَّمَا﴾، وتصديرِ الجملة بحرف التنبيه، حيث قال:

﴿أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ﴾ سببُ خيرهم وشرهم ﴿عِنْدَ اللَّهِ﴾؛ أي: كلٌّ بقضائه ومشيئته، وهو الذي أيهما شاء أصابهم به، وليس بيُمن أحد ولا بشؤمه، والتأكيدِ بقوله:

﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾؛ أنَّ (٤) ما يصيبهم من الله تعالى ومن شؤم أعمالهم.

* * *

(١٣٢) - ﴿وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾.


(١) في (ف) و (ك): "بلام العد الذهني الدالة على الوقوع".
(٢) في (ك): "سيء"، وفي (م): "شر"، والمثبت من (ف)، وهو الموافق لما في "الكشاف" (٢/ ١٤٥)، وفيه: (ولا يقع إلا شيء منها)، وكذا نقله عنه الآلوسي في "روح المعاني" (٩/ ٣٠٥)، وجاء في "البحر" (١٠/ ٢٦١) نقلاً عنه أيضًا: (ولا يقع إلا يسير منه).
(٣) في (م): "اعتراف".
(٤) في (ف): "أي".