للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: يتكبرون بما ليس بحق، أي: بباطل، وفيه إنذارٌ للمخاطبين من عاقبة المتكبرين الذين طُبعوا على قلوبهم بسبب شآمة (١) التكبُّر، فلا يتفكروا في آيات الله تعالى.

﴿وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا﴾ إذ لا يعتبرون بها غفلةً وانهماكًا فيما يشغلهم عنها من شهواتهم.

﴿وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا﴾، لاستيلاء الشيطنة عليهم، وقرئ: ﴿الرُّشْدِ﴾ بفتحتين (٢)، وقرئ: (الرَّشاد) (٣)، وثلاثتُها لغة.

﴿وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا﴾ أراهم الله تعالى السبيلين، قال الله تعالى: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [البلد: ١٠] ورأوهما فآثروا الغيَّ على الرّشد، قال (٤) الله تعالى ﴿فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ [فصلت: ١٧].

﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾؛ أي: ذلك الصرفُ بسبب تكذيبهم بآياتنا وغفلتهم عنها، أو نصب على المصدر؛ أي: سأصرفهم ذلك الصرفَ بسببهما، ويجوز أن يكون قوله: ﴿وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾ استئنافُ إخبارٍ منه تعالى عنهم؛ أي: من شأنهم أنهم كانوا غافلين عن الآيات وتدبُّرها فأورثَتْهم (٥) الغفلةُ التكذيبَ بها.

هذا ما قيل، والوجه عندي هو أن يكون إشارةً إلى التكبر؛ لأن سبب الصرف قد طُم من قوله: ﴿الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ﴾ لِمَا تقرر في الأصول أن ترتيب


(١) قوله: "المتكبرين الذين طبعوا على قلوبهم بسبب شامة" من (م).
(٢) هي قراءة حمزة والكسائي، وقرأ باقي السبعة ﴿الرُّشْدِ﴾. انظر: "التيسير" (ص: ١١٣).
(٣) نسبت لعلي . انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٤٦).
(٤) في (م): "وقال".
(٥) في النسخ: "وتدبيرها وأورثهم "، والمثبت من "البحر" (١٥/ ٣١٢)، والكلام منه.