للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: هو من الدَّرَجة، فهو في الأصل: التقريب من المقصود درجةً درجةً بالإصعاد أو الإهباط، ثم اتُّسع فأُطلق على التقريب منه قليلًا قليلًا (١) ومنه: دَرَج الصبي، إذا قارَبَ بين خطاه.

والفرقُ بين المعنيين واضح وإن اشتبه على مَن ذكر المعنى الثانيَ وقال: ومنه دَرَج الكتابَ (٢).

﴿مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أنه استدراج، حيث جدَّد لهم النعمة كلما (٣) جدَّدوا ما يستحقُّون به النِّقمة، فاغترُّوا به: ﴿حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً﴾ [الأنعام: ٤٤].

* * *

(١٨٣) - ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾.

﴿وَأُمْلِي لَهُمْ﴾ وأُؤخِّرُ عذابهم، من المليِّ ثقيلةَ الياء؛ يقال: مضى عليه مَلِيٌّ من الدهر وملَاوةٌ - بفتح الميم وضمِّها وكسرها -؛ أي: قطعة منه، عطفٌ على ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ﴾ لا على (نستدرجهم)؛ إذ لا حاجة إلى إدخاله في حكم السين، فإن الإملاء يَلزمُه الاستدراج المذكور لزوماً بيِّناً، فتأكيده يُغني عن تأكيد هذا، فمَن قال: عطفٌ على ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ﴾ (٤)، ثم قال: وهو داخل في حكم السين، فقد أخطأ مرتين.


(١) "قليلا" الثاني من (ك).
(٢) "والفرق بين المعنيين واضح وإن اشتبه على مَن ذَكر المعنى الثاني وقال: ومنه درج الكتاب" من (م).
(٣) في (م): "كما".
(٤) في (م): "نستدرجهم"، والمثبت من (ف) و (ك)، وهو الموافق لما في "الكشاف" (٢/ ١٨٢)، وعليه تعقَّب المؤلف.