للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنما لم يقل: نملي لهم، على وفق ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ﴾ للفرق بينهما، فإن الاستدراج بالتدبير العادي الذي توسَّط فيه المدبِّراتُ أمراً، والإملاء بالتقدير الإلهي الذي لا دخل فيه لأحد.

﴿إِنَّ كَيْدِي﴾ الكيد: الأخذ على خفاءٍ، فإطلاقُها هنا على الحقيقة لا على التشبيه؛ كما زعمه مَن قال: وإنما سماه كيدًا لأنَّه على صورته، ولا يُعتبر فيه إظهار خلافِ ما أبطنه، وبه يفارق المكرَ، فإنه يشارك الكيدَ في الأخذ المذكور، ويمتاز عنه باشتماله القيدَ المذكور.

﴿مَتِينٌ﴾: شديد قوي، أصله من المَتْن، وهو اللحمُ الغليظ الذي على جانب الصُّلب، وهما متنان.

* * *

(١٨٤) - ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾.

﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا﴾ الاستفهامُ للتعجب، والواو للعطف على محذوف تقديره: ألم يعلموا ولم يتفكَّروا.

﴿مَا بِصَاحِبِهِمْ﴾ يعني: محمدًا (١) .

﴿مِنْ جِنَّةٍ﴾؛ أي: جنونٍ، من مسِّ الجن، وكانوا يقولون فيه : شاعر مجنونٌ، بالَغَ في نفي الجنون عنه بنفي الحقيقة منكِّرًا قاصدًا بتنكيرها التقليلَ (٢)؛ أي: ليس به شيءٌ من الجِنَّة، وبزيادة ﴿مِنْ﴾ الدالةِ على نفي (٣)


(١) في (م): "بمحمد".
(٢) في (ت): "التمثيل".
(٣) "نفي" من (م).