للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿مِنْهُ﴾ صفة لـ ﴿أَمَنَةً﴾؛ أي: أمنًا لكم حاصلًا منه تعالى.

ويجوز أن يُراد بها الإيمان، فيكون فعلَ المغشيِّ، وأنْ يُجعَلَ على القراءة الأخيرة فعلَ النُّعاس على المجاز؛ لأنها لأصحابه، أو لأنَّه كان من حقَّه أن لا يغشاهم (١) لشدَّة الخوف، فلما غَشِيَهم فكأنه حصلت له أمنة من الله تعالى لولاها لم يَغْشَهم، كقوله:

يَهابُ النَّومُ أنْ يغشى عيونًا … تهابُكَ فهو نفَّارٌ شَرُودُ (٢)

والمعنى: تنعسون في وقتٍ كان ما بكم من الخوف مانعًا من النَّوم، فأمَّنكم اللهُ فنعستم لأَمْنكم.

وقرئ: (أَمْنَةً) كرحمة (٣)، وهي لغة فيه.

﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ من الحدَثِ والجنابة.

﴿وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ﴾؛ أي: الجنابةَ؛ فإنها من تخييله ووسوسته إليهم، وتخويفهم من العطش والجنابة، وذلك أن الشَّيطان تمثَّل لهم، وكان المشركون قد سبقوهم إلى الماء، ونزل المؤمنون في كثيبٍ أحمرَ تسوخُ فيه الأقدام على غير ماءٍ، وناموا فاحتلم أكثرهم، فقال لهم: أنتم يا أصحاب محمَّد تزعمون أنكم على الحقِّ، [وإنَّكم تصلون على غير وضوءٍ، وعلى الجنابة، وقد عطشتم، ولو كنتم على حقٍّ] (٤) ما غلبكم هؤلاء على الماء، وما يَنتظرون (٥) بكم إلا أن يجهدكم العطش،


(١) في (م) و (ك): "يغشيهم".
(٢) نسب البيت للزمخشري. انظر: "فتوح الغيب" (٧/ ٤٠)، و"حاشية الشهاب على البيضاوي" (٤/ ٢٥٨)، و"روح المعاني" (١٠/ ٤٤).
(٣) انظر: "الكشاف" (٢/ ٢٠٣)، و"البحر المحيط" (١١/ ٣٣).
(٤) ما بين معكوفتين زيادة من "الكشاف" (٢/ ٢٠٣).
(٥) في (ك): "ينظرون".