للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإذا قَطع العطش أعناقكم مشَوا إليكم، فقتلوا مَنْ أحبُّوا (١) وساقوا بقيتكم إلى مكَّة، فأشفقوا (٢)، فأُنْزِلَ المطرُ، فمُطروا ليلًا حتى جرى الوادي، واتَّخذ رسول الله وأصحابُه الحِياضَ على عُدوة الوادي، وسقَوا الرِّكاب، واغتسلوا وتوضؤوا، وتلبَّد الرَّمل الذي كان بينهم وبين العدو، حتى ثبتت (٣) فيه الأقدام، وزالت وسوسة الشيطان (٤).

﴿وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ﴾؛ أي: يشدَّها ويقوِّيَها بالسُّكون وحُسن الظَّن وزوالِ الاضطراب والارتياب.

﴿وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ﴾ أي: في مواقف الالتقاء للقتال.

والضمير في ﴿بِهِ﴾ للرَّبط؛ فإنَّ القلب إذا قويَ باليقين والوثوق بالله تعالى تثبتُ القدمُ في المعركة، وحينئذ يكون الثُّبوت من لوازم الرَّبط، ويظهر وجهُ عدم الفصل بينهما بإعادة أداة التعليل، كعدم الفصل بين التطهير والإذهاب المذكورين قبل هذا.

وقيل: للمطر؛ فإن به يتلبَّد الرَّمل فلا تسوخ القدم فيه.

وَيرِدُ عليه أنه حينئذ لا يكون الثُّبوت من لوازم الربَّط، فحقُّه أن يعاد فيه أداة التعليل.

* * *


(١) في (ف): "أجيدكم"، و (م): "احتداء"، وفي (ك): "أخذ"، والمثبت من "الكشاف".
(٢) في (ف): "فاستقوا". وفي "الكشاف": (فحزنوا حزنا شديدا وأشفقوا).
(٣) في (ف): "تثبتت".
(٤) روى نحوه الطبري في "التفسير" (٩/ ١٩٥)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (٣/ ٧٨). وهذا السياق من "الكشاف" (٢/ ٢٠٣ - ٢٠٤).