للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تعذيبهم أكَّدَ خبر ﴿كَانَ﴾ باللام على رأي الكوفيين، أو جعل خبر ﴿كَانَ﴾ الإرادةَ المنتفيَةَ على رأي البصريين، وانتفاءُ الإرادة للعذاب أبلغ من انتفاء العذاب، ولمَّا كان استغفارهم دون تلك الكينونة الشريفة لم يؤكَّد باللَّام، فشتان ما بين استغفارهم وكينونته فيهم.

﴿وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ حالٌ لقوله: ﴿وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾، والمراد باستغفارهم: إمَّا استغفار مَن بقي فيهم من المؤمنين، أو قولُهم: اللهم غُفرانك، أو فَرْضُه على معنى: لو استغفروا لم يُعذَّبوا، كقوله: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾ [هود: ١١٧].

* * *

(٣٤) - ﴿وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

﴿وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ﴾: وما لهم مما يمنع تعذيبهم متى زال ذلك، وكيف لا يُعذَّبون ﴿وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ وحالُهم ذلك، ومِن صدهم عنه إلجاءُ رسول الله والمؤمنين إلى الهجرة، وأما إحصارهم عام الحديبية فقد كان بعد قتل النضر ونظرائه، فلا انتظام له مع ما سيق الكلام له في هذا المقام.

﴿وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ﴾ مستحقِّين ولاية أمره مع شركهم، وهو ردٌّ لِمَا كانوا يقولون: نحن ولاة البيت والحرم، فنصدُّ مَن نشاء، وندخلُ من نشاء.

﴿إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ﴾: الذين لا يعبدون فيه غيره؛ أي: ما استحقُّوا لولاية البيت وما حظٌّ لهم منها؛ لأنها مخصوصة بالمتقين من المسلمين، ليس كلُّ مسلم يصلح لذلك، فكيف بالمشركين من أعداء الدِّين؟