للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٤٧) - ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾.

﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ﴾؛ يعني: قريشاً حين خرجوا لحماية العير.

﴿بَطَرًا﴾ البَطَرُ: سوء احتمال الغنى (١)، ومن آثارِه: الفخرُ والأَشرُ.

﴿وَرِئَاءَ النَّاسِ﴾ ليُثنوا عليهم بالشجاعة والسماحة.

نزلت في أبي جهل وأصحابه، خرجوا من مكَّة لنصرة العير بالقَيْنات والمعازف، فنهى الله تعالى المؤمنين أن يكونوا مثل هؤلاء بَطِرين طَرِبين مُرائين بأعمالهم. ويلزمه الأمرُ بالتَّقوى والإخلاصِ بناءً على أنَّ النَّهي عن الشَّيء يستلزمُ الأمرَ بضدِّه.

وأمَّا ما قيل: وذلك أنَّهم لما بلغوا الجُحْفَةَ (٢) وأتاهم رسولُ أبي سفيان أنِ ارجعوا فقد سلِمَتْ عيرُكم، فقال أبو جهلٍ: لا والله حتى نقدَم بدراً، ونشرب بها الخمور، وتَعزف علينا القِيَان، ونُطعم بها مَن حضَرنا من العرب (٣). فوافَوها ولكن سُقُوا كأسَ المنايا، وناحَتْ عليهم النَّوائح (٤) = فلا يصلح وجهاً لخروجهم من مكَّة بَطِرين ومرائين.

﴿بَطَرًا وَرِئَاءَ﴾ نصب على الحال، أو المفعول لهما.

﴿وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ عطفٌ عليهما: حالَين مطلقاً، ومفعولاً لهما على تأويل المصدر؛ أي: وصدُّوا عن سبيل الله.


(١) في (ف): "الفتى".
(٢) في (م) و (ك): "جحفة".
(٣) انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦١٨)، و"تفسير الطبري" (١١/ ٢١٧).
(٤) انظر: "الكشاف" (٢/ ٢٢٧).