للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾؛ أي: عالمٌ به فيجازيكم عليه، وعيدٌ وتهديدٌ لمن بقيَ مِنَ الكفَّار.

* * *

(٤٨) - ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.

﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ﴾ منصوب بـ ﴿اذْكُرْ﴾.

﴿أَعْمَالَهُمْ﴾ التي عملوها في معاداةِ الرَّسولِ .

﴿وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ﴾ خبر ﴿لَا غَالِبَ﴾؛ أي: كائنٌ لكم، أو صفتُه، وليس صلتَه بمعنى: لا غالب إيَّاكم، وإلَّا لكان منصوباً، كقولك: لا ضارباً زيداً عندَنا.

﴿الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ﴾ والجار: هو المجير الذي يعطي الخائفَ الأمانَ.

روي عن ابن عباس : أن المشركين تخوَّفوا من بني بكر بن كنانة؛ إذ كانوا قَتلوا منهم قتيلاً، فلم يأمنوا يومَ خروجهم إلى بدرٍ أن يأتوهم من ورائهم، فتصوَّر لهم إبليس بصورة سراقة بن مالك وهو من بني بكر، وقال: أنا جارٌ لكم من بني بكر، فركنوا إلى قوله، وساروا وهو معهم، حتى إذا التقى المسلمون والكفَّار أسلمهم شرَّ مَسْلَمٍ، وتبرَّأَ منهم، ولَمَّا نكصَ على عقيبه أخذ الحارث بن هشام بيده فقال: أعلى هذه الحالة تخذلُنا؟ قال: إني أرى ما لا ترون، قال الحارث: والله ما نرى إلا جَعاسيس يثرب (١)، قال: إني أخاف الله، قال الحارث: فهلَّا كان هذا أمس، فدفع


(١) الجعسوس، بالضم: القصير الدميم اللئيم الخلقة والخلق القبيح. "تاج العروس" (مادة: جعس).