للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في صدر الحارث وانطلق، فانهزم النَّاس، فلما قدموا مكَّة، قال: هزم النَّاسَ سراقةُ بن مالك، فقال: بلغني أنكم تقولون: إني هزمْتُ النَّاسَ، فوالله ما شعرْتُ بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم، فقالوا: ما أتيتنا يومَ كذا؟ فحلف لهم، فلما أسلموا علموا أن ذلك كان الشيطان (١).

وذهب بعضهم إلى أن التَّزيين (٢) في هذه الآية وما بعده من الأقوال هو (٣) بالوسوسة والمحادثةِ في النُّفوس، ولا يخفَى ضعفه؛ فإن قوله: ﴿وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ﴾ ليس مما يُلْقَى بالوسوسة، وكذا النُّكوص (٤) على عقيبه وما بعده من الأقوال، وليس مما يُلْقَى بها.

﴿فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ﴾ تراءت: تفاعَلَت من الرُّؤية؛ أي: رأى كلٌّ من الفريقين الأخرى، وهذه الحالة قبل الالتقاء.

﴿نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ لبيانِ أنَّه انهزم على أسوأ الحال.

﴿وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ﴾: إني رجعت عمَّا كنْتُ ضَمِنْتُ لكم من الأيمان.

﴿إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ﴾ تعليلٌ لبراءته، قاله (٥) حينَ رأى إمداد المسلمين بالملائكة، كأنه يقول: إني كنْتُ مجيرَكم من النَّاس، وضمنْتُ لكم الغلبة


(١) رواه عنه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٢٢١)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٥/ ١٧١٥). وانظر الخبر في: "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٦٢).
(٢) في النسخ: "التزين"، والصواب المثبت.
(٣) "هو" ليس في (ك).
(٤) في هامش (م): "نكص الشيطان؛ أي: رجع القهقرى خوفاً مما يرى. زيادة، وقوله: على عقيبه".
(٥) في (ف) و (م): "قال".