للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفداء ﴿عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾، لما نزلت هذه الآية (١) أمسكوا عن مدِّ أيديهم إلى شيءٍ من الغنائم، فنزل:

(٦٩) - ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ﴾ الفاء للسَّبب، والسَّبب محذوفٌ، تقديره: أحللْتُ لكم الغنائم فكلوا، وفي عموم (ما غنمتم) تدخل الفدية؛ لأنها من جملة الغنائم، وإذا كان تقدير الكلام ما ذُكِرَ، لا يكون فيه متمسَّكٌ لمن زعم أنَّ الأمرَ الوارد بعد الحظر للإباحة.

﴿حَلَالًا﴾ حالٌ من المغنوم، أو صفةٌ للمصدر؛ أي: أكلًا حلالًا، وفائدته: إزاحة ما وقع في نفوسهم بسبب العتاب، ولذلك وصفَه بقوله:

﴿طَيِّبًا﴾ لبيان أنَّه لا تبعةَ فيه، فإنَّ الحلالَ قد يكون مكروهًا، فإذا وُصِفَ بالطِّيبِ لا يبقى هذا الاحتمال، وأمَّا الإباحة فلا تجامعه الكراهة، فالمباح أخصُّ من الحلال، ومن هاهنا تبيَّن أنَّ حقَّ المقدر أن يكون: أحللْتُ، دون: أبحْتُ.

وجُوِّزَ أنْ تكون الفائدة ما وقع في نفوسهم بسبب حرمة الغنائم على الأولين.

وفيه: أنه بعد ما رخَّص وخيَّر بين القتل والفداء لا وجه لأنْ يبقى في نفوسهم احتمال الحرمة، خصوصًا بعدما أقدموا على أخذ الفداء وعملوا بموجب الرُّخصة.

﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ في الإقدام على ما لم يُعهَد إليكم فيه حكمٌ.

﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ﴾ غفرَ ذنبَكم ﴿رَحِيمٌ﴾ أباحَ لكم ما أخذتم.


(١) في (ف): "الأمة"، وسقطت من (ك) و (م)، والصواب المثبت.