﴿أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ﴾ أمهِلْهم أربعة أشهر ليسيروا فيها على مهلٍ آمنين أين شاؤوا، وهي الأشهر المرادة بقوله: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ﴾ على ما يأتي بيانه بإذن الله تعالى.
وقيل: هي شوَّال، وذو القعدة، وذو الحجَّة، والمحرم؛ لأنها نزلَتْ في شوَّال سنة تسعٍ من الهجرة، كان صيانة الأشهر الحرم من القتل والقتال فيها واجبة، فوافقها النُّزول.
وقيل: عشرون من ذي الحجَّة والمحرم وصفر وربيع الأول وعشر من ربيع الآخر؛ لأنَّ التَّبليغ كان يوم النَّحر، وكانت حرمًا؛ لأنهم أُومنوا فيها وحرِّم قتلهم وقتالهم، أو على التَّغليب لأن ذا الحجَّة والمحرَّم منها.
وَيرِدُ عليه: أنَّه لا دلالة في كون التَّبليغ العام على رؤوس الأنام يوم النَّحر على ما ذُكِرَ؛ إذ يجوز أن يكون النُّزول قبله، وتحصل فائدة التبليغ بالإعلان والإشاعة.
روي أنه لمَّا ضَرب لهم مدَّة قالوا: نسيح في المدَّة على أمان، ثم نحتال فنمتنع (١)، فنزلَ قولُه:
﴿وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ﴾ الإخزاء: الإذلال بما فيه الفضيحة والعار؛ أي: مُذِلُّهم بالقتل والأسر في الدُّنيا، والعذابِ في الآخرة، ووضع الظَّاهر موضع الضمير في الموضعين: أمَّا في الأول فلتفخيم أمر الخزي، وأمَّا في الثاني فللدلالة على أن الكفر هو الموجِبُ له، وكذا في: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾.